الإثنين، 05 مايو 2025

07:41 م

tru

الذكاء الاصطناعي يُحدث ثورة في تشخيص التصلب المتعدد بدقة مبكرة

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

في تقدم طبي لافت يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، طوّر فريق من الباحثين في جامعة أوبسالا السويدية نموذجًا جديدًا يمكنه اكتشاف التحول في مسار مرض التصلب المتعدد من مرحلته الأولى إلى المرحلة التقدمية الثانوية بدقة تصل إلى 90%، وهو ما يمثّل قفزة نوعية في طرق تشخيص هذا المرض المزمن والمعقد. 

ويعتمد النموذج على تحليل بيانات سريرية شاملة لأكثر من 22 ألف مريض، ويستند إلى معلومات مسجلة في السجل السويدي لمرض التصلب المتعدد، مما يتيح القدرة على التنبؤ بتطور المرض لدى المرضى قبل أن يظهر ذلك في التشخيصات التقليدية.

تشخيص مبكر

ويعد مرض التصلب المتعدد من الأمراض الالتهابية المزمنة التي تصيب الجهاز العصبي المركزي، وغالبًا ما يبدأ بما يُعرف بالنمط الانتكاسي المتقطع (RRMS)، حيث تحدث نوبات تدهور عصبي تتخللها فترات استقرار، ومع مرور الوقت يتحول المرض لدى العديد من المرضى إلى النمط التقدمي الثانوي (SPMS) الذي يتسم بتدهور مستمر في الوظائف العصبية دون فترات تحسن. 

ويمثل هذا التحول نقطة حاسمة في مسار المرض، إذ تختلف استراتيجيات العلاج بشكل كبير بين المرحلتين، وقد يؤدي التأخر في اكتشاف هذا التحول إلى استمرار استخدام علاجات لم تَعُد مجدية.

وفي الظروف الحالية، لا يُكتشف هذا الانتقال عادةً إلا بعد مرور حوالي ثلاث سنوات من حدوثه، وهو ما يشكّل تحديًا حقيقيًا أمام الفرق الطبية، ويدفع المرضى للاستمرار في مسارات علاجية غير فعالة. 

وهنا تتجلّى أهمية النموذج المطوّر، الذي بإمكانه رصد المؤشرات المبكرة لهذا التحول من خلال مراجعة بيانات المريض التاريخية مثل صور الرنين المغناطيسي، ونتائج الفحوصات العصبية، وسجلات الأدوية المستخدمة.

الذكاء الاصطناعي

دقة علمية

أظهرت نتائج الدراسة، التي نُشرت في 24 أبريل 2025 في مجلة Nature Digital Medicine، أن النموذج تمكّن من اكتشاف التحول إلى المرحلة التقدمية الثانوية في 87% من الحالات، وغالبًا ما حدث ذلك قبل أن يتم توثيقه رسميًا في السجلات الطبية. 

وبلغت الدقة العامة للنموذج نحو 90%، مما يشير إلى أن هذه التقنية قادرة على تقديم دعم حقيقي وفعّال للفرق الطبية المعنية بعلاج المرض.

وصرّح الباحث الرئيسي في المشروع، البروفيسور كيم كولتيما، بأن هذا التطور لا يقتصر فقط على تحسين توقيت التشخيص، بل يساعد أيضًا في تعديل خطط العلاج بشكل أسرع وأكثر دقة، مما يُسهم في إبطاء تطور المرض وتحسين نوعية حياة المرضى. 

وأضاف أن استخدام هذا النموذج قد يفتح الباب لتجارب سريرية جديدة تعتمد على بيانات الذكاء الاصطناعي، مما يُمكّن من تطوير استراتيجيات علاجية مخصصة تتوافق مع الحالة الفريدة لكل مريض.

آفاق مستقبلية

ويُتوقع أن تُحدث هذه التقنية تأثيرًا كبيرًا في مجال الرعاية الصحية العصبية، وخصوصًا في الدول التي تمتلك قواعد بيانات طبية رقمية واسعة، حيث يمكن دمج النموذج بسهولة مع السجلات الإلكترونية الطبية، مما يسمح باستخدامه كأداة دعم قرار للأطباء. 

ويمثّل هذا التحول جزءًا من توجه أوسع نحو دمج الذكاء الاصطناعي في الطب التنبؤي، وخصوصًا في الأمراض المزمنة والمعقدة التي تتطلب مراقبة دقيقة وطويلة الأمد.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوسع قاعدة البيانات الطبية، فمن المتوقع أن يتطور هذا النموذج ليشمل تشخيص أمراض عصبية أخرى، مثل داء باركنسون والزهايمر، مما يُعزز مكانة الذكاء الاصطناعي كأداة محورية في مستقبل الرعاية الصحية.

search

أكثر الكلمات انتشاراً