هينتون يصحح تصريحاته: الذكاء الاصطناعي لا يُلغي دور أطباء الأشعة

تراجع الباحث الكندي جيفري هينتون، المعروف بلقب "أب الذكاء الاصطناعي"، عن تصريح شهير أطلقه عام 2016 وتوقّع فيه أن الذكاء الاصطناعي سيجعل من تدريب أطباء الأشعة أمرًا غير ضروري. 

واعترف هينتون في مقابلة حديثة مع صحيفة نيويورك تايمز أن تقديراته آنذاك كانت متسرعة، وأن التطورات الواقعية في هذا المجال بيّنت أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل أطباء الأشعة، بل يعزز كفاءتهم ويكمل مهامهم اليومية.

اعتراف متأخر

قال هينتون إنه ركّز في تصريحه السابق على قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على تحليل الصور الطبية، لكنه لم يأخذ في الحسبان الطابع السريري المعقّد لمهنة الطب. 

وأضاف أن النماذج التقنية تطورت فعلًا، لكنها لم تصل إلى درجة الاستقلال التام عن العنصر البشري، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي يمكنه دعم الطبيب وليس استبداله.

وأشار إلى أن أدوات التعلّم العميق تُستخدم حاليًا لتسريع العمليات الطبية وتحسين الدقة، لكنها تظل غير قادرة على اتخاذ القرار الإكلينيكي أو تفسير السياقات غير البصرية، والتي تتطلب فهمًا أوسع يتجاوز الصور.

دور داعم

أشار تقرير الصحيفة إلى نموذج مستشفى "مايو كلينك" كمثال على تكامل الذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي، حيث ارتفع عدد أطباء الأشعة هناك من 260 إلى أكثر من 400 طبيب خلال السنوات الماضية، ما يدحض تمامًا فكرة استبدال الأطباء. 

ويستخدم المستشفى اليوم أكثر من 250 نموذجًا من نماذج الذكاء الاصطناعي في قسم الأشعة وحده، تتنوع بين أدوات مطوّرة داخليًا وأخرى من شركات متخصصة.

وتساعد هذه الأنظمة في رصد الجلطات والأورام، وتحديد مناطق الشك، وقياس أعضاء مثل الكلى بشكل تلقائي، هذه المهام كانت تستهلك وقتًا طويلًا عندما تُنفذ يدويًا. 

ويؤدي الذكاء الاصطناعي دور "المراجع الثاني" بحسب الدكتور ماثيو كالستروم، رئيس قسم الأشعة في المستشفى، الذي أوضح أن الذكاء الاصطناعي يخفف العبء عن الأطباء دون أن يلغي دورهم.

نقد للتوقعات

تراجع هينتون عن تصريحه السابق يأتي في سياق أوسع من المبالغات التي تصدر عن بعض قادة التكنولوجيا حول قدرة الذكاء الاصطناعي على إزاحة البشر من وظائفهم. 

تصريحات مثل تلك التي أدلى بها سام ألتمان من OpenAI أو بيل غيتس من مايكروسوفت، كثيرًا ما تربط بين التقدم التقني واختفاء وظائف بكاملها، دون تمييز دقيق بين أتمتة مهام محددة وبين الاستغناء عن أصحاب المهن.

وأوضح الخبراء أن المبالغة في التنبؤات تولّد تصورات غير واقعية حول سرعة وعمق التحولات، بينما تؤكد التجارب أن هناك عقبات قانونية وثقافية وتنظيمية ما تزال قائمة أمام الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الطبية.

رسالة للباحثين

يحمل اعتراف هينتون برسالة مباشرة إلى مجتمع الذكاء الاصطناعي، وهي ضرورة التحفظ في إصدار التنبؤات المتعلقة بمهن لا يُدرك الباحثون تفاصيلها العملية. 

الطب، مثل غيره من القطاعات المعقدة، لا يمكن اختزاله في تحليل بيانات أو صور، بل يتطلب تفاعلًا بشريًا يعتمد على الخبرة، والتواصل، والتقييم المتكامل للحالة.