روسيا تُسجل تراجعًا رسميًا في واردات Intel وAMD وسط روايات متباينة من السوق المحلية

في تقرير حديث صادر عن هيئة الجمارك الفيدرالية الروسية، سُجل انخفاض حاد في واردات معالجات Intel وAMD إلى السوق الروسية خلال عام 2024، وهو ما يعكس واقعًا متقلبًا لسوق التكنولوجيا في البلاد، وسط تناقض واضح بين الإحصاءات الرسمية وما تكشفه الشركات المحلية من واقع مختلف على الأرض.

تراجع كبير

تشير البيانات الرسمية إلى أن واردات معالجات Intel تراجعت بنسبة مذهلة بلغت 95%، لتنخفض من مستويات مرتفعة في الأعوام الماضية إلى ما يقارب 20 ألف وحدة فقط خلال العام 2024، ولم تكن AMD بعيدة عن هذا التوجه، إذ انخفضت وارداتها بنسبة 81% لتصل إلى نحو 17 ألف وحدة. 

وبالأرقام المالية، تراجعت القيمة الإجمالية لواردات كلا الشركتين من 6.3 مليار روبل في عام 2023 إلى 439 مليون روبل فقط هذا العام، مما يمثل هبوطًا دراماتيكيًا في سوق كان يومًا ما نشطًا وحيويًا.

أسباب غير ظاهرة

رغم هذه الإحصائيات، تكشف كبرى شركات التجميع الإلكتروني في روسيا عن واقع مختلف كليًا، فبحسب شركة Rikor، تم شراء أكثر من 120 ألف معالج خلال عام 2024، بزيادة تصل إلى 30% مقارنة بعام 2023. 

وتؤكد شركة Lotos، المختصة في مكونات الحواسيب، أن الطلب على معالجات Intel وAMD قد ازداد خلال هذا العام، مع سيطرة واضحة لمعالجات Intel على طلبات السوق الجديدة.

السبب في هذا التباين يعود، بحسب مصادر صناعية، إلى طبيعة التصريح الجمركي للمعالجات التي قد تُدرج تحت فئات أوسع، أو تُعاد شحنها عبر دول وسيطة مثل هونغ كونغ وماليزيا، وهو ما يحول دون تسجيلها كسلع واردة إلى روسيا بشكل مباشر. 

ويُعتقد أن هذه الطرق تُستخدم لتجاوز العقوبات التجارية والتكنولوجية المفروضة على روسيا منذ الغزو الأوكراني في عام 2022.

شحنات غير مباشرة

مع استمرار العقوبات الغربية، باتت الشركات الروسية تعتمد على قنوات غير مباشرة للحصول على المعالجات، حيث يتم استيراد هذه الشرائح الدقيقة من خلال مراكز توزيع بديلة، مما يساهم في استمرار تدفق التكنولوجيا الأمريكية إلى السوق الروسية. 

ورغم القيود الصارمة، تشير تقارير إلى أن السوق لا يعاني من نقص، بل تسير العمليات الإنتاجية بشكل طبيعي، مع استقرار نسبي في الأسعار بالنسبة للنماذج الشائعة من المعالجات.

وقد أكدت الشركات المصنّعة لصحيفة "كوميرسانت" الروسية أنها تتوقع تسليم نحو 300 ألف معالج خلال عام 2025 للاستخدام في الخوادم فقط، ما يعزز من فرضية وجود مسارات غير رسمية وفعالة لتجاوز العقبات التجارية واللوجستية.

زيادات متوقعة

ورغم المؤشرات الإيجابية من الداخل الروسي، حذر الموردون من زيادات مرتقبة في أسعار المعالجات خلال العام المقبل، تتراوح ما بين 10% و12%. 

وتُعزى هذه الزيادة إلى استمرار التضخم العالمي، بالإضافة إلى تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، والذي يُلقي بظلاله على سلاسل الإمداد العالمية، بما فيها قطاع المعالجات الدقيقة.

في المجمل، يعكس هذا التناقض بين الأرقام الرسمية والواقع الميداني حجم التحديات التي تواجهها روسيا في تأمين احتياجاتها التقنية، ويكشف عن طرق بديلة تتبعها الشركات للالتفاف على القيود، في محاولة للحفاظ على سير الإنتاج التقني في البلاد.