دراسة تحذّر من آثار عقلية لمحادثات الذكاء الاصطناعي.. هل تصل إلى "هلوسة"؟

أثار تقرير علمي جديد حالة من الجدل العلمي والتقني بعد أن طرح تساؤلًا غير معتاد: هل يمكن أن تؤثر محادثات الذكاء الاصطناعي سلبًا على الصحة النفسية للمستخدمين؟ 

الدراسة، التي أجراها فريق بحثي في جامعة ميسوري الأمريكية بقيادة الدكتور دانييل شانك، نشرت في أبريل 2025 في مجلة "اتجاهات العلوم المعرفية"، وتناولت التأثيرات النفسية والسلوكية التي قد تنتج عن التفاعل المطول مع أنظمة الذكاء الاصطناعي الحوارية.

ارتباط عاطفي

الدراسة رصدت أن المستخدمين الذين يجرون محادثات طويلة ومتكررة مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، خاصة تلك التي تعتمد على أسلوب محاكاة التفاعل البشري، قد يطورون نوعًا من الارتباط العاطفي الزائف تجاه هذه الأنظمة.

هذا النوع من الارتباط يجعل المستخدم يشعر بأن الذكاء الاصطناعي "يهتم به" أو "يفهمه"، ما يؤدي إلى نوع من التعلق الذي يشبه ما يحدث في العلاقات الإنسانية، رغم أن الطرف الآخر ليس كائنًا بشريًا ولا يمتلك وعيًا أو إدراكًا.

الباحثون وصفوا هذه الحالة بأنها "وهم اجتماعي"، ويمكن أن تقود إلى ضعف التواصل مع المحيطين بالمستخدم، أو حتى اختلال في تقييم المواقف الحقيقية بسبب تأثيرات هذه العلاقة الرقمية.

سلوك مضلل

واحدة من أبرز المخاطر التي تناولتها الدراسة تتمثل في إمكانية تعرض المستخدم لتوجيهات أو نصائح غير موثوقة أو مضللة من الذكاء الاصطناعي، دون وعي بخطورتها.

إذا شعر المستخدم بأن النظام "شخصي" و"موثوق"، فقد يبدأ بتطبيق توصياته دون مراجعة، ما قد يقود إلى سلوكيات غير منطقية أو حتى ضارة.

في بعض الحالات، يمكن أن يقترح النظام بشكل غير مقصود أفكارًا مخالفة للقانون أو مرفوضة اجتماعيًا، دون إدراك المستخدم بأنها نتيجة لتحليل نصي آلي، وليس لموقف حقيقي نابع من معرفة أو أخلاق.

تأثير اجتماعي

الدراسة لفتت إلى أن الاعتماد العاطفي الزائد على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى تراجع جودة العلاقات الاجتماعية، حيث يستبدل المستخدم الحوار مع الأصدقاء أو العائلة بالتفاعل مع أنظمة غير بشرية.

هذا النمط من السلوك قد ينتج عنه عزلة تدريجية، وانخفاض القدرة على التواصل الفعّال في البيئات الحقيقية.

كما أشار الفريق إلى أن الأطفال والمراهقين أكثر عرضة لهذا التأثير، لأنهم غالبًا ما يتعاملون مع هذه التكنولوجيا دون وعي بالحدود بين الواقعي والافتراضي.

إجراءات وقائية

الباحثون قدموا مجموعة من التوصيات العملية للحد من تأثيرات هذه الظاهرة، أبرزها:

عدم قضاء فترات طويلة في التفاعل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي

التأكد من مراجعة أي نصائح أو اقتراحات يقدمها النظام من مصادر بشرية موثوقة

المحافظة على العلاقات الاجتماعية الواقعية كجزء أساسي من التوازن النفسي

تنمية الوعي الرقمي لدى الأطفال والمراهقين حول طبيعة الذكاء الاصطناعي

الفريق العلمي شدد على أن التكنولوجيا ليست الخطر في حد ذاتها، بل طريقة استخدامها، مؤكدًا أن التعامل الواعي والمتوازن مع أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعلها مفيدة وآمنة، في مقابل الاستخدام المفرط أو العاطفي الذي قد يفتح المجال لمشاكل غير متوقعة.