خوارزميات الذكاء الاصطناعي تحدد أبرز المؤثرات على صحة الدماغ مع التقدم في العمر

في كشف علمي جديد يسلّط الضوء على الإمكانات المتزايدة للذكاء الاصطناعي في مجالات الطب والصحة العقلية، توصل باحثون من جامعة إلينوي في أوربانا-شامبين إلى أن تقنيات التعلم الآلي قادرة على تحليل البيانات الصحية والسلوكية واستخلاص أبرز العوامل المرتبطة بصحة الدماغ لدى البالغين. 

واستندت الدراسة إلى تحليل بيانات شاملة تخص 374 شخصًا من مختلف الفئات العمرية، باستخدام خوارزميات متقدمة لتحديد مدى تأثير كل عامل على وظائف الدماغ، وتحديدًا القدرة على التركيز وسرعة الاستجابة.

عوامل مؤثرة رئيسية

قام الفريق البحثي بقيادة البروفيسور Naiman Khan بجمع بيانات صحية متنوعة من المشاركين، شملت العمر، ضغط الدم الانبساطي والانقباضي، مؤشر كتلة الجسم (BMI)، النشاط البدني، والعادات الغذائية. 

وبعد إخضاعهم لاختبار "المشتتات" المعروف علميًا باسم Flanker Task، والذي يقيس القدرة على تجاهل المؤثرات البصرية والتركيز على هدف معين، تم تحليل الأداء باستخدام تقنيات تعلم آلي متطورة.

وأظهرت النتائج أن أربعة عوامل رئيسية تترتب من حيث التأثير على الأداء المعرفي، بدءًا من العمر، يليه ضغط الدم الانبساطي، ثم مؤشر كتلة الجسم، وأخيرًا ضغط الدم الانقباضي. 

وفي حين بيّنت الدراسات السابقة أن النظام الغذائي والنشاط البدني لهما تأثير إيجابي في صحة الدماغ، فإن الدراسة الحالية وجدت أن هذه العوامل تُعد ثانوية مقارنةً بالعوامل الفيزيولوجية المذكورة.

محدودية النظام الغذائي

تأتي أهمية هذه النتائج من كونها تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل تأثير كل عامل بمعزل عن الآخر، وهو ما منح الباحثين إمكانية الوصول إلى أنماط دقيقة ومعقدة يصعب رصدها عبر الطرق الإحصائية التقليدية. 

وأوضح البروفيسور خان أن النظام الغذائي، رغم ارتباطه بصحة الدماغ، لم يكن من بين العوامل الأقوى تأثيرًا كما كان يُعتقد سابقًا.

وأشار إلى أن بعض الأنظمة الغذائية مثل "DASH" و"MIND"، الغنية بالألياف ومضادات الأكسدة وأوميغا-3، لها فوائد مثبتة علميًا في تقليل التدهور المعرفي، لكن تأثيرها في اختبارات الأداء العقلي اللحظي كان أقل نسبيًا في هذه الدراسة. 

كذلك أظهر النشاط البدني تأثيرًا متوسطًا، ولم يرتقِ إلى مرتبة العوامل المؤثرة الرئيسية في الأداء المعرفي بحسب نتائج الذكاء الاصطناعي.

ذكاء اصطناعي دقيق

تكمن أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في هذه الدراسة في قدرته على التعامل مع عدد كبير من المتغيرات الصحية وتحليلها بشكل متزامن للوصول إلى استنتاجات دقيقة.

 وقد استخدم الباحثون خوارزميات تعلم آلي متعددة لاختيار النموذج الأفضل في التنبؤ بنتائج اختبار المشتتات، وهو ما مكّنهم من استخلاص رؤية جديدة حول العوامل الفسيولوجية الأكثر ارتباطًا بصحة الدماغ.

كما أشار الفريق البحثي إلى أن مثل هذه الدراسات تفتح الباب أمام تصميم استراتيجيات صحية مخصصة للفئات المعرّضة لمشاكل إدراكية، خصوصًا كبار السن والأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو السمنة. 

وأكد البروفيسور خان أن الدمج بين علوم التغذية والذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في فهم آليات التدهور المعرفي والعمل على الحد منها.

ومع تصاعد الاهتمام العالمي بصحة الدماغ في ظل ارتفاع متوسط أعمار السكان، يُتوقع أن تسهم مثل هذه الأبحاث في تطوير توصيات وقائية مخصصة، تركز على ضبط عوامل مثل ضغط الدم والوزن أكثر من الاكتفاء بتعديلات سلوكية كالنظام الغذائي أو التمارين فقط، خاصة إذا تم الاستناد إلى تحليلات ذكية وديناميكية تستوعب الفروقات الفردية.