إنتل تُغلق قسم رقاقات السيارات وتعيد هيكلة أولوياتها الاستراتيجية

أعلنت شركة إنتل رسميًا إغلاق قسم رقاقات السيارات بعد سنوات من الاستثمارات المتواصلة في هذا المجال، ضمن خطة شاملة لإعادة التركيز على قطاعاتها الأساسية في الحوسبة التقليدية ومعالجة البيانات، وذلك في ظل الضغوط المتزايدة التي تواجهها الشركة في أسواق الرقاقات العالمية. 

القرار جاء مفاجئًا في توقيته، رغم المؤشرات السابقة التي أشارت إلى وجود خسائر تشغيلية وتغيرات على مستوى القيادة التنفيذية.

وأوضحت إنتل في مذكرة داخلية، كشفت عنها صحيفة The Oregonian، أن قرار الإغلاق جاء ضمن مراجعة شاملة لأنشطة الشركة في إطار جهود إعادة التنظيم، كما شمل القرار تسريح معظم الموظفين العاملين في القسم المتخصص، مع تقديم وعود بانتقال سلس للعملاء والشركاء المعنيين.

استثمارات ضخمة

طوال الأعوام الماضية، ضخت إنتل موارد مالية وتقنية كبيرة في سوق رقاقات السيارات، حيث شملت تطبيقاتها أنظمة الترفيه داخل المركبة، لوحات العدادات الرقمية، ووحدات التحكم الذكية، كما كانت تسعى إلى ترسيخ مكانتها في سوق الرقاقات المخصصة لأنظمة المساعدة على القيادة.

وقد بلغت هذه الطموحات ذروتها في 2017 عندما استحوذت إنتل على شركة Mobileye الإسرائيلية المتخصصة في تطوير تقنيات القيادة الذاتية، بصفقة قُدّرت بنحو 15 مليار دولار، ولا تزال تحتفظ بحصة الأغلبية فيها رغم طرحها للاكتتاب العام لاحقًا.

وفي 2024، أعلنت الشركة عن رقاقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي مخصصة لتحسين الملاحة الصوتية والتفاعل الذكي داخل السيارات، كما تحدثت عن خطة لتوسيع استخدام معالجات Arc GPU في بيئات المركبات الذكية، مما اعتُبر حينها خطوة لمنافسة شركات مثل Qualcomm وNvidia.

ضغوط متصاعدة

قرار الإغلاق يأتي في وقت تعاني فيه إنتل من تراجع في الأداء المالي وتضاؤل الحصة السوقية، خاصة مع صعود منافسين جدد يركزون على الذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية السحابية، ومعالجات الأجهزة المحمولة. 

وفي أبريل 2025، صرّح ليب بو تان، الرئيس التنفيذي الجديد للشركة، بأن المرحلة المقبلة ستشهد تقليصًا في عدد الموظفين، مؤكدًا أن الهيكل الإداري بحاجة إلى إعادة ضبط.

وتشير تقارير إلى أن تسريحات أخرى ستُنفّذ قريبًا في مصانع الشركة، تماشيًا مع خطة أوسع لإعادة الشركة إلى موقعها الريادي في تقنيات المعالجات المركزية وحلول مراكز البيانات.

إعادة ترتيب

إغلاق قسم رقاقات السيارات يُعد مؤشراً واضحًا على تغيير استراتيجي واسع داخل إنتل، وهو يعكس تراجع الثقة في تحقيق نمو سريع داخل قطاع السيارات الذكية، مقابل التوجه نحو تعزيز الابتكار في مجالات تشهد طلبًا أعلى مثل الحوسبة عالية الأداء والذكاء الاصطناعي التوليدي.

وترى الشركة أن التركيز على هذه القطاعات يمنحها فرصة أفضل للتعافي، واستعادة جزء من السوق الذي فقدته أمام شركات منافسة عززت وجودها في أنظمة الحوسبة المتقدمة والمعالجات الرسومية.