الصين تستعرض عضلاتها التكنولوجية بمباراة كرة قدم بين روبوتات بشرية

شهدت العاصمة الصينية بكين حدثًا غير مسبوق في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث نظمت السلطات أول مباراة كرة قدم بين روبوتات بشرية، في عرض تقني هدفه ليس فقط الترفيه بل إثبات التقدم الذي أحرزته الصين في مجال الأتمتة المتقدمة.

المباراة، التي انتهت بنتيجة 5-3، لم تكن مجرد عرض عبثي، بل حملت رسائل واضحة حول مستقبل العمل البشري، وحدود القدرات الآلية المتزايدة، وسط تساؤلات حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي بصدد تهديد وظائف بشرية بينها مهنة لاعب كرة القدم.

تحكم ذكي

لعبت المباراة بين فريقين يرتديان قمصانًا رياضية سوداء وبنفسجية، وتحركت الروبوتات دون أي تدخل من البشر، معتمدة على خوارزميات تحكم مدمجة في أنظمتها.

كل شوط استمر عشر دقائق، وكانت الحركة قائمة بالكامل على برامج ذكاء اصطناعي مخصصة، تستند إلى تحليل الصور، وحساب زوايا التمرير، وتحديد المواقع بدقة في الوقت الحقيقي.

وأظهرت الروبوتات مرونة كبيرة في التوازن، واتخاذ القرار اللحظي، رغم ضعف الحراس وسهولة تسجيل الأهداف.

تفوق جامعي

نُظمت المباراة بمشاركة فرق من جامعات صينية رائدة، من بينها جامعة تسينغهوا، وجامعة بكين للمعلومات والتكنولوجيا.
وفاز بالبطولة فريق "فولكان" من جامعة تسينغهوا، التي تعتبر من أبرز المؤسسات البحثية في البلاد.
وبحسب وكالة بلومبرج، فقد احتفلت الروبوتات بالأهداف عبر رفع أذرعها، في محاكاة دقيقة لانفعالات البشر.

وتأتي هذه الفعالية ضمن سلسلة من الأنشطة التي تنظمها الصين لدمج التقنية بالعرض الجماهيري، ففي أبريل، استضافت العاصمة نصف ماراثون للروبوتات، بينما شهدت مايو بطولة ملاكمة روبوتية في هانغتشو.

نمو سوقي

تشير تقارير مؤسسة "مورغان ستانلي" إلى أن الصين تسيطر على 40% من سوق الروبوتات العالمي، بقيمة تصل إلى 47 مليار دولار، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم إلى 108 مليارات بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي يبلغ 23%.

ويرى محللو المؤسسة أن الصين لا تكتفي بحجم السوق، بل أصبحت محور الابتكار العالمي، حيث تركز على تصنيع روبوتات أكثر كفاءة وأقل تكلفة.

هذا التوجه يترجم إلى استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق، وتوسيع قاعدة الروبوتات القادرة على اتخاذ قرارات في الوقت الحقيقي.

وقد تمكنت الروبوتات المشاركة في مباراة بكين من تحديد موقع الكرة بدقة وصلت إلى 90% من مسافة 18 مترًا، إلى جانب التعرّف على زوايا الملعب، وخطوط اللعب، ومواقع اللاعبين، واتخاذ قرارات مثل التمرير والتسديد والمناورة.

كما استخدمت نماذج متقدمة من التعلم العميق المعزز، الذي يقوم على مبدأ التجربة والخطأ، في محاكاة ديناميكية لبيئة اللعب، ما سمح بتطوير ردود فعل آنية تنسجم مع قواعد اللعبة.

وتستعد الصين لاستضافة بطولة العالم للروبوتات البشرية 2025 بين 15 و17 أغسطس، في حدث يتضمن 11 رياضة من بينها الجمباز وألعاب القوى وكرة القدم، ويهدف لترسيخ موقعها كدولة رائدة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي على المستوى الرياضي والتقني.