بايدو تفتح نموذج Ernie 4.5 كمصدر مفتوح وتدعم مطوري الذكاء الاصطناعي حول العالم

أعلنت شركة بايدو الصينية عن إتاحة نموذج الذكاء الاصطناعي العملاق Ernie 4.5 كمصدر مفتوح، في خطوة تهدف إلى دعم مجتمع المطورين وتعزيز الشفافية في تطوير النماذج اللغوية الكبيرة. 

وتأتي هذه الخطوة بعد أشهر من وعود بايدو بمشاركة تقنياتها مع الباحثين والمطورين، وها هي اليوم تفي بهذا الالتزام عبر نشر نسخة متكاملة من Ernie 4.5 مع أدوات تطوير متاحة للجميع.

وتتيح هذه المبادرة للمطورين تحميل النماذج مباشرة من منصات GitHub وHugging Face، حيث توفر بايدو عشر نسخ مختلفة من Ernie 4.5 إلى جانب مستندات توضيحية وشيفرات المصدر وآليات التدريب والبنية الداخلية للنموذج، بما يساعد في تسريع الأبحاث والتجارب التقنية.

نموذج قوي

نموذج Ernie 4.5 يعتمد على بنية تحتوي على 47 مليار معامل، منها 3 مليارات معامل نشطة في اللحظة الواحدة أثناء تنفيذ العمليات الحسابية. 

ويتيح النموذج قدرات تحليلية ولغوية تشمل التفكير المنطقي، وفهم السياق، واستنتاج العلاقات المعقدة بين المفاهيم، مما يجعله منافسًا حقيقيًا لنماذج أخرى مثل GPT وGemini.

وتؤكد بايدو أن فتح مصدر هذا النموذج سيمنح المطورين حول العالم فرصة لفهم كيفية عمل النماذج اللغوية الكبيرة، وتمكينهم من تعديلها أو تطوير نماذج خاصة بهم بناءً على نفس البنية، سواء لأغراض أكاديمية أو تجارية.

كما أطلقت الشركة أدوات تدريب مخصصة تتيح تطوير نماذج فرعية، أو تحسين أداء Ernie عبر مزيد من التدريب على بيانات محلية أو متخصصة.

أهمية المصدر المفتوح

قرار بايدو يمثل تحولا في سياسة الشركات الكبرى التي كانت تتعامل مع نماذج الذكاء الاصطناعي بسرية، حيث ترى بعض الجهات أن الاحتفاظ بالمصدر يضمن التفوق التنافسي، لكن الانفتاح الذي تقوده شركات مثل بايدو يعكس تغيرًا عالميًا يتجه نحو تشارك المعرفة.

ومن خلال إتاحة Ernie 4.5، تنضم بايدو إلى قائمة محدودة من الشركات التي تقدم نماذج ضخمة للمجتمع التقني دون قيود، في خطوة تُسهم في تسريع وتيرة الابتكار، خاصة في مجالات مثل الطب، التعليم، الترجمة، وتحليل البيانات.

ورغم الجدل الدائر حول المخاوف الأمنية، ترى العديد من الأوساط البحثية أن انفتاح النماذج الكبرى يسهم في تطوير تقنيات أكثر شفافية واستقرارًا، مع القدرة على مراقبة كيفية معالجة البيانات، وتفادي الأخطاء أو التحيزات البرمجية التي قد تظهر في الأنظمة المغلقة.

سباق صيني داخلي

لا تقتصر المنافسة على بايدو فقط، بل دخلت شركة DeepSeek بقوة في المشهد عبر تطوير نموذجها الخاص R1، الذي تمت ترقيته إلى R2، وهو نموذج يتمتع بسرعة أعلى وتكلفة أقل في التشغيل، ويشكل أحد أبرز مشاريع الذكاء الاصطناعي الصينية البديلة.

لكن DeepSeek واجهت أزمة في أوروبا، بعد تقارير تشير إلى إرسال بيانات المستخدمين إلى خوادم داخل الصين، ما أثار انتقادات من سلطات حماية البيانات في ألمانيا، وأدى إلى سحب التطبيق من متاجر App Store وGoogle Play، ضمن حملة أوروبية متصاعدة لحماية الخصوصية الرقمية.

ورغم هذه الانتكاسة، تستمر الشركات الصينية في التوسع عالميا، حيث تسعى لتقليص الفجوة مع عمالقة التقنية في الولايات المتحدة، وتعزيز حضورها في مجال الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، وهو ما يعكس رغبة في بناء منظومة معرفية عالمية تعتمد على التشاركية بدل الاحتكار.