نظام ذكاء اصطناعي جديد يعزز التركيز دون تدخل طبي

طوّر فريق بحثي من جامعتي سري وأوكسفورد، بالتعاون مع شركة Cognite Neurotechnology، نظامًا مبتكرًا يجمع بين الذكاء الاصطناعي وتقنيات تحفيز الدماغ غير الجراحية، يهدف إلى تعزيز التركيز الذهني لدى الأفراد، خاصة في أثناء أداء المهام المعرفية المعقدة، دون الحاجة إلى إشراف طبي مباشر أو معدات معقدة، مما يفتح الباب أمام استخدام هذه التقنية في البيئات المنزلية والعملية.

تحفيز مخصص

يعتمد النظام على تقنية تحفيز الدماغ العشوائي عبر الجمجمة، المعروفة اختصارًا بـtRNS، وهي تقنية آمنة تستخدم تيارات كهربائية ضعيفة لتحفيز نشاط الدماغ، دون التسبب في أي ألم أو تدخل جراحي. 

ويقوم الذكاء الاصطناعي بتعديل شدة التحفيز تلقائيًا وفقًا للبيانات الحيوية لكل مستخدم، مثل شكل الرأس ومستوى التركيز الفعلي، مما يُغني عن الفحوصات الطبية التقليدية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، ويوفر تجربة شخصية دقيقة وفعالة.

نتائج مبشّرة

أجرى الباحثون اختبارات على 103 متطوعين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا، حيث نفّذوا ما يقرب من 290 جلسة تحفيز باستخدام الخوذة الذكية وأجهزة لوحية، مع تسجيل البيانات وتحليلها باستمرار. 

وفي تجربة مزدوجة التعمية شملت 37 مشاركًا جديدًا، أظهرت النتائج أن النظام القائم على الذكاء الاصطناعي حسّن الأداء الذهني بشكل أكبر من الأنظمة التقليدية أو التحفيز الوهمي، لا سيما لدى الأفراد الذين يعانون صعوبة في التركيز، دون تسجيل آثار جانبية تُذكر.

تطبيقات واسعة

أوضح البروفيسور روي كوهين كادوش، رئيس قسم علم النفس بجامعة سري، أن هذه التكنولوجيا تمثل نقلة نوعية في كيفية تحسين الوظائف المعرفية للدماغ، مشيرًا إلى أن إمكانات النظام تتجاوز الاستخدام الفردي لتشمل مجالات التعليم، والتدريب، والتطوير المهني، من خلال تعزيز قدرات التركيز، والانتباه، والتعلُّم، باستخدام أدوات بسيطة يمكن ارتداؤها، دون الحاجة إلى إشراف مباشر من مختصين.

وأضاف كادوش أن هذا الابتكار يعكس مستقبل التفاعل بين الإنسان والتقنية، خاصة في ظل تزايد الحاجة إلى أدوات ذكية تعزّز الأداء العقلي في بيئة العمل والدراسة، بشكل يتماشى مع طبيعة كل فرد، ويقلل من الاعتماد على الحلول الدوائية، ويتيح نماذج دعم مستدامة وفعالة للصحة الذهنية.

نُشرت نتائج الدراسة في مجلة npj Digital Medicine، واعتُبرت إحدى أبرز التطورات في مجال التكنولوجيا العصبية الحديثة، حيث تعكس دمجًا ناجحًا بين قدرات الذكاء الاصطناعي وفهم أعمق لوظائف الدماغ، ضمن توجه عالمي لتعزيز الأداء الذهني بطرق غير تقليدية، آمنة، وقابلة للتخصيص.