إنفيديا تراهن على رقائق H20 لاستعادة مكانتها في الصين

مع عودة الحديث عن تحولات كبرى في سوق الذكاء الاصطناعي، تستعد شركة إنفيديا لإعادة طرح رقائقها المعدلة من طراز H20 في السوق الصينية، بعد توقف مؤقت فرضته القيود التنظيمية على تصدير التقنيات المتقدمة، في خطوة تعكس رغبة الشركة في الحفاظ على موطئ قدم داخل واحدة من أسرع أسواق الذكاء الاصطناعي نموًا على مستوى العالم، رغم مؤشرات تراجع حصتها السوقية.

شريحة معدلة

أعلنت إنفيديا عن تطوير نسخة جديدة من شريحة H20، صُممت خصيصًا لتتوافق مع المتطلبات التنظيمية الصارمة في الصين، وهو ما يتيح للشركة العودة إلى السوق دون تجاوز القيود المفروضة، حيث جاءت هذه الخطوة بعد أشهر من غياب منتجاتها، الأمر الذي ترك المجال مفتوحًا أمام الشركات الصينية لتعزيز حضورها في سوق المعالجات المخصصة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مما جعل عودة إنفيديا بمثابة محاولة استراتيجية لإعادة التوازن إلى المشهد التنافسي.

تراجع الحصة

تقرير صادر عن شركة بيرنشتاين أشار إلى أن حصة إنفيديا في سوق رقائق الذكاء الاصطناعي بالصين مرشحة للتراجع من 66% في عام 2024 إلى 54% مع نهاية 2025، وهو انخفاض ملحوظ يعكس النمو السريع لمنافسين محليين، خصوصًا بعد أن استغلوا فترة غياب الشركة لتوسيع حصتهم السوقية، كما ساعدهم تسارع الاستثمارات في تطوير تقنيات محلية على ترسيخ موقعهم أمام الشركات الأجنبية.

منافسة صينية

تشير التقديرات إلى أن معدل "توطين" سوق رقائق الذكاء الاصطناعي في الصين سيقفز من 17% عام 2023 إلى 55% بحلول 2027، في ظل صعود أسماء بارزة مثل هواوي وهايغون وكامبريكون، وهي شركات تعمل على إنتاج معالجات عالية الكفاءة قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلية، ما يضع إنفيديا أمام تحديات متزايدة، خصوصًا مع ميل بعض العملاء إلى تفضيل المنتجات المحلية لضمان استقرار التوريد والتوافق مع اللوائح الوطنية.

آمال مشروطة

يرى محللون مثل دانيال نيومان من مجموعة فيوتشروم أن عودة إنفيديا إلى السوق الصينية قد تمنحها فرصة لاستعادة بعض الزخم، خاصة إذا تمكنت من تقديم مزايا تقنية تتفوق على المنافسين، إلا أن هذه العودة لا تضمن بالضرورة استرجاع العملاء الذين تحولوا إلى البدائل المحلية خلال فترة التوقف، إذ يتطلب الأمر إعادة بناء الثقة وإثبات جدوى الاستثمار في تقنيات الشركة الأمريكية على المدى الطويل.

تدقيق مستمر

رغم عودة المبيعات، خضعت رقائق H20 لعمليات تدقيق تقني داخل الصين للتأكد من سلامتها الأمنية، خصوصًا مع تنامي المخاوف المرتبطة بالتطبيقات المتقدمة للذكاء الاصطناعي.

وقد أكدت إنفيديا أنها لا تحتوي على أي ثغرات قد تسمح بتحكم خارجي، في محاولة لطمأنة الجهات التنظيمية والعملاء على حد سواء، وهو ما يعكس إدراك الشركة لأهمية الشفافية في الأسواق الحساسة من الناحية التقنية والسياسية.

وبينما تحاول إنفيديا الموازنة بين الامتثال للمتطلبات المحلية والحفاظ على ريادتها التقنية، تبدو المنافسة في السوق الصينية أكثر شراسة من أي وقت مضى، حيث لم تعد المسألة مجرد التفوق في الأداء، بل باتت تشمل عناصر الثقة، والاستقرار، والتوافق مع السياسات الوطنية، وهي عوامل قد تحدد مستقبل الشركة في هذه السوق الحيوية خلال السنوات المقبلة.