الخميس، 14 أغسطس 2025

04:22 ص

tru

الذكاء الاصطناعي يفتح أبوابًا جديدة لفك أسرار النقوش اللاتينية القديمة

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

كشف فريق من الباحثين في شركة "ديب مايند" التابعة لجوجل، بالتعاون مع جامعات بريطانية ويونانية، عن ابتكار نظام ذكاء اصطناعي توليدي يحمل اسم "Aeneas"، صُمم خصيصًا لفك شيفرات النقوش اللاتينية القديمة، واستعادة النصوص المفقودة، وتحديد مؤلفيها بدقة غير مسبوقة، مما يمثل نقلة نوعية في علم النقوش الكلاسيكية، ويعيد رسم ملامح البحث الأثري والتاريخي في هذا المجال.

جاء هذا النظام، الذي يحمل اسم البطل الأسطوري في ملحمة تأسيس روما، ليعالج تحديًا طالما واجهه المؤرخون، إذ تتعرض النقوش التي تعود إلى الحضارة الرومانية للتلف أو التجزؤ، مما يجعل قراءتها أو تأريخها أمرًا بالغ الصعوبة، لكن "Aeneas" يعتمد على شبكة عصبية توليدية متعددة الوسائط قادرة على مقارنة آلاف النقوش، واسترجاع الروابط النصية والسياقية بينها في غضون ثوانٍ، بعد أن كان الأمر يستغرق شهورًا من البحث اليدوي.

دقة وسرعة

اعتمد الباحثون في تدريب النظام على مجموعة البيانات النقشية اللاتينية (LED)، وهي قاعدة بيانات تضم أكثر من 176 ألف نقش جُمعت على مدار عقود من مصادر تاريخية موثوقة، مثل قواعد بيانات EDR وEDH وEDCS-ELT، ما أتاح للنظام فهمًا عميقًا للبنية النصية والتاريخية لهذه النقوش، كما مكنه من تقديم تحليلات دقيقة، وتوقع النصوص المفقودة، حتى عند عدم معرفة طول الفجوة في النص الأصلي.

الذكاء الاصطناعي

ويمتاز "Aeneas" بقدرته على تحليل النصوص إلى جانب الصور الملتقطة للنقوش، وهو ما يجعله أول نموذج ذكاء اصطناعي يحدد المنشأ الجغرافي للنصوص بدقة عالية، ويستطيع ترميم الأجزاء المفقودة منها دون قيود مسبقة، فضلًا عن قابليته للتكيف مع مواد أثرية أخرى، مثل أوراق البردي والعملات القديمة، مما يوسع نطاق استخدامه في مجالات بحثية متعددة.

تجربة ميدانية

اختبر النظام في بيئة بحثية محاكية للواقع بمشاركة 23 خبيرًا في علم النقوش، من طلاب الماجستير وحتى الأساتذة المتخصصين، وطُلب منهم استخدام مخرجاته كنقطة انطلاق لمهام بحثية محدودة الوقت، وجاءت النتائج لافتة، إذ رأى 90% من المشاركين أن النظام قدم لهم نقاط بداية مفيدة جدًا، كما ساهم في رفع ثقتهم بإنجاز مهامهم بنسبة 44%، وحقق دقة زمنية في تحديد عمر النقوش بفارق لا يتجاوز 13 عامًا عن تقديرات المؤرخين، فيما أظهر تميزًا في التعاون مع الباحث البشري، حيث فاق أداؤهما المشترك نتائج كل منهما على حدة.

أثر مستقبلي

يمثل "Aeneas" تحولًا جوهريًا في علم النقوش، ليس فقط عبر تسريع عمليات البحث والتحليل، بل أيضًا من خلال توسيع آفاق المقارنة بين نصوص تعود إلى فترات وأقاليم متباعدة، مما يمنح الباحثين رؤية أشمل، ويسهم في الكشف عن أنماط وعلاقات تاريخية كانت غائبة عن الدراسات السابقة، كما يُتوقع أن يفتح المجال أمام اكتشافات غير مسبوقة في تاريخ الحضارات القديمة.

ولضمان استفادة واسعة، أطلقت "ديب مايند" نسخة تفاعلية مجانية من النظام عبر الموقع الإلكتروني (predictingthepast.com)، وأتاحت الكود البرمجي وقاعدة البيانات بنظام مفتوح المصدر، بهدف دعم الأبحاث المستقبلية، وتعزيز التعاون بين الباحثين والمؤسسات الأكاديمية والمتاحف حول العالم، في مسعى مشترك لفهم الماضي بدقة أكبر، وتسريع وتيرة الاكتشافات التي قد تعيد كتابة صفحات من التاريخ الإنساني.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً