جوجل تعيد الإعلانات الرقمية إلى سوريا بعد سنوات الحظر

أعلنت شركة جوجل عن إنهاء الحظر المفروض على خدمات الإعلانات الرقمية في سوريا، بعد ما يقارب أربعة عشر عامًا من التقييد. 

القرار الذي تم الإعلان عنه في أغسطس 2025 شكّل بارقة أمل جديدة لناشري المحتوى السوريين الذين حُرموا طويلًا من فرص الاستفادة من منصات الإعلان الإلكتروني التابعة لجوجل، مثل Google Ads وAdSense وAd Manager.

هذا التغيير جاء في أعقاب تحديث رسمي في سجل سياسات جوجل، حيث حُدثت صفحة "فهم قيود الدول" لتعكس رفع القيود عن سوريا، وهو أول تعديل من نوعه منذ عام 2011 حين فُرضت العقوبات ضمن قرارات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي (OFAC). 

ورغم أن هذه الخطوة تفتح المجال أمام عودة قطاع الإعلانات الرقمية إلى السوق السورية، إلا أنها لا تخلو من تحديات كبيرة قد تحدّ من الاستفادة الكاملة منها.

جهود حكومية

التزامن بين الإعلان والتصريحات الرسمية في دمشق زاد من زخم الخبر، إذ خرج وزير الاتصالات وتقانة المعلومات السوري، عبد السلام هيكل، عبر منصة "إكس"، مؤكدًا أن الحكومة تبذل جهودًا متواصلة بالتنسيق مع أطراف أمريكية وشركات تقنية دولية من أجل رفع القيود المفروضة على سوريا. 

وأوضح الوزير أن جوجل ستكون أول شركة عالمية كبرى تفتح الباب أمام عودة خدماتها الرقمية، معتبرًا ذلك خطوة أولى قد تليها خطوات أخرى لشركات كبرى في مجالات التقنية والاتصالات.

ورأى مراقبون أن هذا القرار يمكن أن يسهم في إعادة دمج السوق السورية تدريجيًا ضمن المنظومة الرقمية العالمية، لا سيما مع اتساع حاجة المبدعين والناشرين إلى مصادر دخل بديلة تدعم المحتوى المحلي في ظل الصعوبات الاقتصادية المستمرة.

تحديات قائمة

ورغم رفع الحظر، لا تزال العقبات حاضرة أمام الاستفادة الكاملة من القرار، إذ يواجه القطاع السوري عدة إشكاليات بنيوية، ضعف البنية التحتية للإنترنت قد يعيق وصول المستخدمين إلى خدمات الإعلان بشكل سلس، فضلًا عن محدودية أنظمة الدفع الإلكتروني التي تشكل العصب الرئيس لعمليات استلام الأرباح.

كما تظل الشركات والناشرون ملزمين بالامتثال للوائح العقوبات التجارية الدولية، إذ أوضحت جوجل أن استخدام منصاتها ممنوع لصالح أي كيان أو فرد خاضع للعقوبات، كما لا يُسمح بالوصول إلى AdSense من داخل المناطق التي ما تزال خاضعة للقيود، وأكدت أن أي حساب يثبت تورطه مع جهات محظورة سيتم تعليقه فورًا دون فترة إنذار.

التزامات مشددة

جوجل شددت على استمرار العمل بمعاييرها العالمية الصارمة، مشيرة إلى أن جميع الحملات الإعلانية في سوريا ستخضع لنفس الرقابة الآلية المطبقة عالميًا لضمان منع المحتوى المخالف، بما يشمل المواد المضللة أو غير اللائقة. 

وأوضحت أن المستخدمين سيحتفظون بحق استرداد أرصدتهم غير المستعملة ضمن الحدود القانونية، مع إمكانية الوصول إلى منصاتها المساندة مثل مركز السياسات ومركز المساعدة، حتى في حال تعذر تسجيل الدخول إلى الحسابات الإعلانية من داخل مناطق محظورة.

ويُنتظر أن يساهم هذا القرار في تحفيز سوق الإعلان الرقمي المحلي، بما يمنح ناشري المحتوى السوريين فرصة جديدة للاندماج في الاقتصاد الرقمي العالمي، على أن يظل النجاح مرهونًا بمدى قدرة البنية التحتية والأنظمة المالية على مواكبة هذا الانفتاح.

في النهاية، يبدو أن إنهاء حظر جوجل للإعلانات في سوريا يمثل بداية مرحلة جديدة في علاقة البلاد مع الاقتصاد الرقمي العالمي، مرحلة تحمل آمالًا كبيرة ولكنها تتطلب عملًا طويل الأمد لتذليل العقبات المتبقية.