الذكاء الاصطناعي بين التزييف الرقمي والعلاج النفسي

الذكاء الاصطناعي
ياسين عبد العزيز
يشهد العالم تحولًا غير مسبوق مع التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي، حيث لم يَعُد الخداع الرقمي مقتصرًا على حسابات آلية بدائية، بل بات يتخذ شكل روبوتات دردشة متطورة قادرة على تقليد البشر بذكاء ودقة لافتة.
ومع هذا التقدم، أصبحت المنصات الاجتماعية مثل فيسبوك وإنستاجرام وإكس مسرحًا جديدًا لصراعات رقمية يصعب فيها التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف.
فبفضل قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، نحن أمام عصر رقمي يزداد فيه التزييف تعقيدًا، إذ ستتمكن الروبوتات من محاكاة السلوك البشري بمهارة عالية، فتضع إعجابات، وتكتب تعليقات، وتشارك في حوارات تفاعلية تجعل كشف حقيقتها مهمة شبه مستحيلة.
وفي ظل هذا الواقع، يبرز سؤال جوهري حول تأثير هذا التحول على الأفراد والمجتمعات، سواء على المستوى الأمني أو النفسي.
خداع رقمي
يمثل الجيل الجديد من روبوتات الدردشة طفرة نوعية في تقنيات التضليل، إذ يمكنها تحليل منشورات المستخدمين ومشاعرهم وعاداتهم الرقمية، لتبني ملفات تعريف نفسية دقيقة عنهم. هذا التحليل يتيح لها التفاعل بطريقة مألوفة تشبه البشر، الأمر الذي يزيد من خطر استخدامها في حملات دعائية موجهة أو في التلاعب بالرأي العام.

وقد سلط أستاذان بجامعة فاندربيلت الأمريكية، بريت جولدستين وبريت بنسون، الضوء على هذا التهديد في مقال نشرته نيويورك تايمز.
وأكدا أن شركة صينية تُدعى GoLaxy تقود حملات دعائية متقدمة، تستخدم فيها الروبوتات الشبيهة بالبشر وتقنيات التوصيف النفسي لاستهداف الأفراد بشكل مباشر.
وكشفت الوثائق أن هذه الشركة تجمع كميات هائلة من بيانات المستخدمين لبناء ملفات نفسية ديناميكية، ثم توظفها في محادثات واقعية يصعب تمييزها عن التفاعل البشري.
تأثير نفسي
لا يقتصر الخطر على البعد السياسي أو الأمني، بل يمتد إلى الصحة العقلية والنفسية للأفراد، فقد أظهرت دراسة نشرتها هارفارد بزنس ريفيو أن أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي يكمن في العلاج والرفقة، إذ يقدم دعمًا متاحًا طوال الوقت، قليل التكلفة، وخاليًا من الأحكام المسبقة، مما يجعله خيارًا جذابًا لمن يبحثون عن الدعم النفسي.
لكن هذا الانفتاح يحمل في طياته مخاطر حقيقية، مثل التعلق العاطفي غير الصحي بكيان اصطناعي، أو تلقي نصائح خاطئة في مواقف حساسة.
وتؤكد تقارير نشرتها وول ستريت جورنال حجم هذه المخاطر، بعد تحليل 96 ألف محادثة مع ChatGPT، حيث ظهرت حالات أطلق عليها الأطباء مصطلحات مثل "ذهان الذكاء الاصطناعي" أو "وهم الذكاء الاصطناعي"، نتيجة اندماج المستخدمين مع إجابات وهمية أو مبالغ فيها.
يقظة رقمية
في مواجهة هذا المشهد المعقد، تصبح اليقظة الرقمية ضرورة لا غنى عنها، إذ يجب على المستخدمين إعادة النظر في علاقتهم بالفضاء الإلكتروني، وعدم افتراض أن كل حساب أو محتوى حقيقي المصدر، فالتعامل بحذر مع المعلومات المفرطة في تخصيصها، والتحقق المستمر من المصادر، يمثلان خط الدفاع الأول في مواجهة التزييف الرقمي.
إن التحدي الأكبر الذي يطرحه الذكاء الاصطناعي اليوم لا يكمن في تطوير تقنياته، بل في قدرتنا نحن على التمييز بين الحقيقة والوهم.
وبينما قد يمثل هذا التطور أداة قوية لدعم العلاج النفسي وتوسيع الوصول إلى الخدمات الصحية، فإنه يحمل في المقابل تهديدًا خطيرًا إذا استُخدم في الخداع والتلاعب، ما يجعل إدراك المخاطر والتحصين ضدها مسؤولية مشتركة بين الأفراد والمؤسسات.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً