مهمة علمية جديدة من ناسا لدراسة فقدان العظام وحماية رواد الفضاء

يواجه رواد الفضاء المقيمون على متن محطة الفضاء الدولية تحديات صحية معقدة نتيجة انعدام الجاذبية، حيث لا تقتصر التأثيرات على شعورهم بانعدام الوزن فحسب، بل تمتد لتشمل سلامة عظامهم بشكل مباشر، فقد أكدت دراسات علمية متكررة أن رواد الفضاء يتعرضون لفقدان تدريجي في كتلة العظام مع طول فترة البقاء في الفضاء، وهو ما يمثل خطورة متزايدة على مهام الاستكشاف بعيدة المدى.

وتشير الأبحاث إلى أن ممارسة التمارين الرياضية، رغم أهميتها، لا تكفي وحدها لوقف هذا التآكل، إذ يفقد الرواد ما بين 1% و2% من كثافة العظام أثناء مهماتهم، وهي نسبة تتضاعف خطورتها عند التخطيط لرحلات طويلة مثل السفر إلى المريخ أو العودة مجددًا إلى القمر، حيث تغيب إمكانية العودة الطارئة إلى الأرض بشكل سريع، من هنا تبرز الحاجة الماسة إلى حلول علمية مبتكرة تقي رواد الفضاء من هذه المشكلة الصحية.

مهمة بحثية

في هذا السياق، أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بالتعاون مع شركة سبيس إكس مهمة علمية جديدة تحمل اسم "MABL-B"، وذلك ضمن مهمة الإمداد رقم 33. 

وتأتي هذه الخطوة استكمالًا للمهمة السابقة "MABL-A"، التي توصلت نتائجها إلى أن بيئة انعدام الجاذبية تحفّز إشارات بروتين يُعرف باسم "إنترلوكين-6" (IL-6)، وهو بروتين يلعب دورًا أساسيًا في تسريع تدهور العظام، أما المرحلة الجديدة، فهي تسعى إلى إيجاد طرق لتثبيط هذه الإشارات ومنع تأثيرها السلبي.

زراعة خلايا

وتقوم التجربة العلمية الجديدة على زراعة خلايا جذعية ميزانشيمية (MSCs) إلى جانب خلايا عظمية أخرى داخل حاويات متخصصة، حيث ستخضع هذه العينات لرحلة بحثية تمتد 19 يومًا على متن المحطة. 

وتُعد هذه الخلايا من المكونات الرئيسية المسؤولة عن تكوين العظام في جسم الإنسان، ومن ثم فإن مراقبة سلوكها في بيئة الفضاء قد يفتح الباب أمام فهم أعمق للآليات الحيوية المؤدية إلى فقدان العظام. 

وسيتم جمع هذه العينات بشكل دوري وإرسالها إلى الأرض لدراسة تفاصيلها المعملية بدقة أكبر.

أهمية النتائج

تكمن أهمية هذه الأبحاث في أنها لا تستهدف فقط دعم قدرات الإنسان على الاستكشاف الفضائي، بل تمتد لتشمل انعكاسات مباشرة على صحة البشر على الأرض، ففهم كيفية فقدان العظام في ظروف انعدام الجاذبية قد يساعد العلماء في ابتكار علاجات جديدة وفعّالة لمرض هشاشة العظام، الذي يعاني منه ملايين الأشخاص حول العالم. 

وبذلك تصبح نتائج التجارب بمثابة جسر يربط بين طموحات الفضاء ومتطلبات تحسين جودة الحياة البشرية.