الذكاء الاصطناعي واكتشاف الأدوية.. وعود ضخمة وآمال متجددة في ظل إنجازات محدودة

ذكاء اصطناعي
لقد اندفعت عشرات الشركات الناشئة في منتصف العقد الماضي، واعدةً بإحداث ثورة في مجال اكتشاف الأدوية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف تقليص الوقت اللازم لتطوير العقاقير، وخفض التكلفة التي تصل في المتوسط إلى نحو ملياري دولار لكل دواء جديد.
وقد جذبت هذه الوعود شركات الأدوية الكبرى، مثل: بريستول مايرز سكويب، وسانوفي، التي وقّعت صفقات بمليارات الدولارات، على أمل الوصول إلى أدوية أكثر سرعة، وفعالية، وتوفرًا، ولكن بعد أكثر من عشر سنوات، يطرح الخبراء سؤالًا محورياً: أين الأدوية التي وعد بها الذكاء الاصطناعي؟
حتى الآن لم يحصل أي عقار اُكتشف عبر هذه التقنيات على موافقة تنظيمية، وأخفقت العديد من التجارب الأولى، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
أزمات مالية
لقد واجهت بعض الشركات التي روّجت لتلك الوعود أزمات مالية حادة، بسبب تراجع الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا الحيوية، ومن هذه الشركات، شركة BenevolentAI البريطانية، التي أثارت حماسًا واسعًا عند تأسيسها، لكنها خسرت أكثر من 99% من قيمتها السوقية قبل أن تُشطب من البورصة، وتندمج في شركة يابانية في مارس الماضي.
ويعلق أليكس جافورونكوف، الرئيس التنفيذي لشركة Insilico لاكتشاف الأدوية بالذكاء الاصطناعي، على هذا الوضع بقوله: “لكي تدّعي أن لديك الدجاجة التي تبيض ذهبًا، عليك أن تقدم بعض البيض الذهبي فعلًا، وإذا لم تفعل، فإن قيمتك تتراجع بسرعة كبيرة”.

ومع ذلك، فإن فكرة تطوير الأدوية بالذكاء الاصطناعي لا تزال تجذب المستثمرين، وذلك لأن قطاع الأدوية بطيء ومكلف، ويُعد مجالًا واعدًا للتغيير.
وبحسب البيانات، فقد ارتفع تمويل شركات اكتشاف الأدوية بالذكاء الاصطناعي من 30 مليون دولار عام 2013، إلى 1.8 مليار دولار عام 2021.
وقد أعادت طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي، منذ إطلاق ChatGPT في أواخر 2022، الأمل من جديد، وعاد المستثمرون للمراهنة على شركات جديدة، وتقنيات أكثر تطورًا، وطرق مبتكرة لجمع البيانات البيولوجية، وتحليلها، حيث إن الأدوات الأولى لم تكن قوية بما يكفي، لكن الأجيال القادمة قادرة على تحقيق إنجازات حقيقية.
تحديات علمية
ومع ذلك، ما زال التحدي قائماً، لأننا نعرف القليل عن تفاعلات خلايانا، ونعجز عن قياس كثير من العمليات الحيوية الأساسية، مما يحرم النماذج من البيانات الكافية لتحقيق إنجازات ملموسة.
ويقول الكيميائي المخضرم دارين غرين، الذي عمل لأكثر من 30 عامًا في شركة GSK الشهيرة للأدوية: “إن اكتشاف الأدوية ربما يكون أصعب ما يحاول الإنسان القيام به، كلما حصلنا على أدوات جديدة، نجد عقبات جديدة”، مضيفًا أن الفشل جزء متكرر في هذه الصناعة، فمنذ عقود، علّق قطاع تطوير الأدوية آماله على تقنيات، مثل: علم الأحياء البنيوي في الستينيات، والكيمياء الحسابية في الثمانينيات، ومشروع الجينوم البشري في مطلع الألفية، لكن النتائج جاءت أبطأ من المتوقع.
وفي عملية اكتشاف الأدوية، تبدأ الأبحاث بتحديد هدف بيولوجي، مثل: طفرة جينية، أو مستقبل هرموني، ثم البحث عن جزيء يمكن أن يتفاعل معه لعلاج المرض، والمشكلة أن نحو 90% من الأدوية المُرشحة تفشل في التجارب السريرية، رغم نجاحها على الورق من الناحية النظرية، وهنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي في تسريع البحث داخل قواعد بيانات ضخمة من الجزيئات، لكن خبراء يحذرون من المبالغة.
ويقول بيتر كوفيني، أستاذ الكيمياء في كلية لندن الجامعية UCL: “إن من الخطأ الاعتقاد بأن أي تقنية حاسوبية ستتمكن فجأة من حل كل المشكلات، فالسُمّية مثلًا، أي الآثار الجانبية للعقاقير، من أصعب الأمور التي يمكن التنبؤ بها”.
فرص جديدة
لقد جاءت أحدث التحولات مع إطلاق نموذج AlphaFold2 من جوجل ديب مايند عام 2023، الذي تمكن من التنبؤ بشكل البروتينات بدقة غير مسبوقة، وقد تعيد هذه التطورات عقارب الساعة إلى الصفر، حتى تبدأ دورة جديدة من المحاولات الواعدة، وتسعى اليوم شركات، مثل: Insitro، وRecursion، وLila Sciences إلى بناء “مصانع علمية” لإنتاج بيانات بيولوجية ضخمة الحجم، عبر الأتمتة، وتقنيات الرؤية الحاسوبية.
ويقول ماكس جادربرغ، رئيس الذكاء الاصطناعي في شركة Isomorphic Labs (التابعة لجوجل): “إننا نحتاج إلى نصف دستة من التطورات الكُبرى بحجم AlphaFold لكي نحقق قفزة حقيقية في اكتشاف الأدوية”.
وتكافح الشركات الناشئة في مجال تطوير الأدوية بالذكاء الاصطناعي لإثبات جدوى عملها وخططها ورؤيتها، لكن يرى محللون أن الشركات التقنية العملاقة، مثل: جوجل، وألفابت، بفضل مواردها الضخمة، وحوسبتها الفائقة، قد تكون الأقدر على قيادة هذا التحول.
ويلخص سانجيف باتيل، الرئيس التنفيذي لشركة Relay Therapeutics المسألة قائلًا: “قد تستغرق هذه العملية سنوات طويلة دون نتائج، لكن الشركات الكبرى فقط تستطيع تحمّل هذا الانتظار حتى يأتي الإنجاز المنشود”.
وما زالت النتائج الحاسمة غائبة حتى الآن، لكن يتفق كثيرون على أن ما يجري اليوم قد يكون تمهيدًا لمرحلة مفصلية يتحول فيها الذكاء الاصطناعي من وعود نظرية إلى أدوات عملية، قد تغيّر القواعد المُتعارف عليها في اكتشاف العلاجات، وإنقاذ الأرواح.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً