الحوسبة الخارقة تدخل عصر الإكساسكيل بسرعة فائقة تغير مشهد التكنولوجيا العالمية

أصبحت الحواسيب الخارقة لاعبًا محوريًا في رسم ملامح المستقبل الرقمي، فهي لم تعد مجرد أنظمة ضخمة مكدسة داخل مستودعات مغلقة، بل منصات أساسية قادرة على إنجاز عمليات رياضية معقدة قد تحتاج إلى مئات السنين لو جرت على الحواسيب التقليدية، حيث تُقاس كفاءتها بمقياس FLOPS الذي يعكس عدد العمليات العائمة المنفذة في الثانية، وقد بلغ السباق مؤخرًا ذروته مع وصول بعض الأنظمة إلى مستوى الإكسافلوبس عبر اختبار LINPACK (HPL) الصارم.

هيمنة أمريكية

شهد شهر يونيو 2025 تحديثًا جديدًا لقائمة TOP500 التي تُصدر مرتين سنويًا اعتمادًا على نتيجة Rmax، وقد أظهر التصنيف تفوقًا واضحًا لثلاثة حواسيب أمريكية تعمل بتقنية الإكساسكيل، بينما برز الحضور الأوروبي بقوة متزايدة عبر أنظمة جديدة، في حين تقدمت الحوسبة السحابية والأنظمة الصناعية لتحجز مواقع ضمن العشرة الأوائل، وهو ما يؤكد أن استخدام هذه القوة لم يعد حكرًا على المختبرات الوطنية كما كان في السابق.

النظام الأقوى

تصدر الحاسوب المعروف باسم El Capitan المشهد العالمي بفضل اعتماده على تصميم HPE Cray EX255a، المجهز بمعالجات AMD EPYC من الجيل الرابع، إلى جانب وحدات تسريع MI300A، وشبكة Slingshot-11 التي تمنحه قدرة استثنائية على معالجة البيانات بسرعة وكفاءة.

ولم يكتف هذا النظام بتحقيق الريادة في اختبار LINPACK بل حاز أيضًا على المركز الأول في اختبار HPCG الأكثر صرامة، مما جعله أداة عملية لتسريع أبحاث الفيزياء والكيمياء والأحياء الجزيئية بدلًا من مجرد رقم قياسي جديد.

تطبيقات واسعة

تفتح هذه القفزة التكنولوجية الباب أمام استخدامات غير مسبوقة في مجالات عدة مثل محاكاة التفاعلات النووية، وتحليل النماذج المناخية، وفك الشيفرات الجينية، وتصميم الأدوية الجديدة، إضافة إلى دعم الذكاء الاصطناعي الضخم القائم على نماذج لغوية أو تصورية معقدة، وهو ما قد يسهم في إيجاد حلول عملية لتحديات عالمية كأزمة الطاقة والتغير المناخي، ومع دخول أوروبا وآسيا بشكل أوسع في السباق، يصبح المستقبل مرشحًا لمنافسة أشد بين القوى التكنولوجية الكبرى.

ويجمع الخبراء على أن الانتقال من البيتا فلوبس إلى الإكساسكيل لم يكن قفزة رقمية فقط، بل تحول جذري في قدرة الحواسيب على تمكين العلوم التطبيقية والصناعات الحديثة، الأمر الذي سيجعل العقد القادم شاهدًا على توسع غير مسبوق في الاعتماد على هذه الأنظمة فائقة السرعة.