إنترنت الأشياء يقود التحول الرقمي ويرسم ملامح مستقبل الصناعة العالمية

يشهد العالم طفرة واسعة في مجال إنترنت الأشياء (IoT)، حيث تؤكد بيانات مؤسسة “ستاتيستا” أن عدد الأجهزة المتصلة تجاوز 5 مليارات جهاز خلال عام 2024، وسط توقعات بارتفاع هذا الرقم إلى نحو 15 مليار جهاز بحلول عام 2030.

ويعكس هذا التوسع المتسارع المكانة المحورية لهذه التكنولوجيا في مسار التحول الرقمي، سواء على مستوى المنازل الذكية أو في خطوط الإنتاج الصناعي التي تعتمد بشكل متزايد على الحلول الرقمية لتعزيز الكفاءة وخفض التكاليف.

منازل ذكية

في الحياة اليومية، باتت الأجهزة الذكية جزءاً لا يتجزأ من أسلوب المعيشة الحديث، إذ تشمل التطبيقات أنظمة الإضاءة المتصلة والتحكم في التكييف عبر الهواتف، إضافة إلى أجهزة المراقبة المنزلية التي توفر حماية فورية من خلال الربط المباشر بالهاتف الذكي.

وتشير تقارير الوكالة الدولية للطاقة إلى أن هذه الأدوات لا تقتصر على تقديم الراحة، بل تسهم أيضاً في خفض استهلاك الطاقة بما يصل إلى 20%، وهو ما ينعكس بشكل ملموس على تقليل فواتير الكهرباء وتحقيق استدامة أكبر في استهلاك الموارد.

مصانع متصلة

أما في القطاع الصناعي، فقد أصبح الاعتماد على الحساسات المتصلة بالشبكات أداة أساسية لمراقبة المعدات وتوقع الأعطال قبل حدوثها، وهو ما يعرف بالصيانة التنبؤية، شركات عالمية كبرى مثل “جنرال إلكتريك” و"سيمنس" ضخت مليارات الدولارات في تطوير حلول إنترنت الأشياء الصناعية، لما لها من تأثير مباشر على استمرارية الإنتاج وتقليل فترات التوقف المكلفة.

وفي مصر، تعمل الحكومة على تعزيز هذا الاتجاه من خلال مبادرات التحول الرقمي في المناطق الصناعية الكبرى مثل العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر، بهدف رفع كفاءة البنية التحتية الصناعية ودعم تنافسية الاقتصاد المحلي.

فرص استثمارية

من الناحية الاقتصادية، يقدّر خبراء أن صناعة إنترنت الأشياء ستضيف ما بين 4 و5 تريليونات دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، وهو ما يفتح آفاقاً جديدة أمام الدول النامية للاستفادة من هذا النمو.

وبالنسبة لمصر، فإن دمج تقنيات IoT في قطاعات الطاقة والزراعة الذكية قد يرفع الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 15%، ويخفض الفاقد من الطاقة بنسبة تقارب 10%، ما يجعل الاستثمار في هذه التكنولوجيا خياراً استراتيجياً لتسريع النمو الاقتصادي، وتوفير حلول مستدامة لمشكلات قائمة في مجالات الغذاء والطاقة.

ومع تنامي الاعتماد على الأجهزة الذكية، يبدو أن إنترنت الأشياء لن يكون مجرد تقنية داعمة، بل ركيزة رئيسية لإعادة تشكيل نماذج العمل والإنتاج والاستهلاك، الأمر الذي يضع الحكومات والمؤسسات أمام تحديات تتعلق بتطوير البنية التحتية الرقمية، وضمان الأمن السيبراني، وتأهيل الكوادر البشرية للتعامل مع هذه الطفرة التكنولوجية، وبذلك يصبح الاستثمار في إنترنت الأشياء ليس مجرد خياراً تقنياً، بل رؤية استراتيجية لضمان مستقبل أكثر ذكاءً وكفاءة.