أنظمة ذكاء اصطناعي جديدة من هواوي تعيد رسم موازين المنافسة مع إنفيديا

كشفت شركة هواوي الصينية عن جيل جديد من أنظمة الحوسبة المتقدمة الموجهة للذكاء الاصطناعي، في خطوة تحمل دلالات استراتيجية واضحة وسط تصاعد التنافس بين الصين والولايات المتحدة في هذا القطاع، حيث أعلنت الشركة أن المنظومات الجديدة ستحمل اسم "أطلس 950" و"أطلس 960"، موضحة أنها مصممة لتقديم مستويات أداء غير مسبوقة في مجالات التحليل والتعلم والاستنتاج، معتمدة على مفهوم "السوبربود" الذي يجمع عدة وحدات حوسبة فائقة القوة في نظام واحد.

وأكد نائب رئيس الشركة إريك شو أن هذه المنظومات تمثل طفرة في القدرات الحسابية بفضل تطوير معالجات عصبية متقدمة وسعات ذاكرة ضخمة ونطاق ترددي مرتفع لنقل البيانات، وهو ما يمنحها قدرة على دعم التطبيقات الأكثر تعقيدًا في ميادين الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن هذه البنية ستجعلها واحدة من أبرز الحلول على مستوى العالم لسنوات قادمة.

تعزيز محلي

وجاء الإعلان بعد تقرير لصحيفة فاينانشل تايمز أشار إلى أن بكين أوصت شركات التكنولوجيا الوطنية بالحد من اعتمادها على الرقائق الإلكترونية الأمريكية، خصوصًا تلك التي تنتجها شركة إنفيديا والتي تستحوذ على موقع ريادي عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، ويعتبر هذا التوجه جزءًا من سياسة أوسع تهدف إلى تقليص فجوة الاعتماد على التقنيات الغربية.

ورغم أن الحكومة الصينية لم تصدر تأكيدًا رسميًا لهذه التوجيهات، فإن المتحدثين باسمها جددوا انتقاد ما وصفوه بالممارسات التمييزية في قطاع التكنولوجيا، مؤكدين أن الصين تسعى إلى تأمين سلاسل إمداد مستقرة وتطوير بدائل محلية قادرة على المنافسة، بينما يرى محللون أن هذه التحركات تصب في مصلحة شركات مثل هواوي التي تحاول تثبيت موقعها كخيار رئيسي للأسواق المحلية والدولية.

منافسة مباشرة

وتسعى هواوي من خلال هذه الإصدارات إلى وضع نفسها في مواجهة مباشرة مع إنفيديا، خصوصًا مع ارتفاع الطلب على تقنيات الحوسبة المتقدمة لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة، حيث تشير التقديرات إلى أن السوق العالمي للحلول المتعلقة بالذكاء الاصطناعي قد يتجاوز 400 مليار دولار بحلول 2030، وهو ما يزيد من شراسة التنافس بين الشركات الرائدة في هذا المجال.

ويؤكد خبراء أن إطلاق "أطلس 950" و"أطلس 960" يمثل رسالة واضحة بأن هواوي لن تكتفي بدور المزوّد المحلي، بل تسعى لبناء منظومات تنافس على المستوى الدولي، مستفيدة من الدعم الحكومي والرغبة المتزايدة للشركات الصينية في تقليص اعتمادها على منتجات إنفيديا.

خطوة استراتيجية

ويعتبر مراقبون أن الخطوة تعكس مسعى الصين لتحقيق الاكتفاء في واحد من أكثر القطاعات حساسية، حيث يرتبط الذكاء الاصطناعي بقدرات اقتصادية وأمنية واسعة، لذلك فإن الاستثمار في تقنيات المعالجة المتقدمة يعد أولوية استراتيجية لبكين، فيما تواجه الشركات الصينية تحديات مستمرة بسبب القيود الأمريكية المفروضة على تصدير الرقائق المتطورة، وهو ما يدفعها إلى الإسراع في تطوير بدائل محلية.

ومع استمرار هذه التطورات، يرى محللون أن المنافسة بين هواوي وإنفيديا ستحدد مستقبل سوق الذكاء الاصطناعي خلال العقد المقبل، خاصة أن كلا الشركتين تمتلكان قاعدة قوية من العملاء وحضورًا عالميًا متناميًا، الأمر الذي يجعل من السباق بينهما أحد أبرز ملامح التحول التكنولوجي العالمي.