الجمعة، 31 أكتوبر 2025

05:21 م

tru

حرب الرقاقات العالمية.. إلى أي مدى تستطيع الصين كسر الهيمنة الأمريكية وبناء صناعة مستقلة؟

الرقاقات

الرقاقات

ياسين عبد العزيز

A A

تتصدر صناعة أشباه الموصلات اليوم ساحة التنافس العالمي، إذ لم تعد الرقاقات مجرد مكونات إلكترونية، بل أصبحت بمثابة "نفط القرن الحادي والعشرين" الذي يحدد موازين القوى بين الدول. 

وفي قلب هذا السباق تقف الصين أمام مفارقة معقدة، فهي تملك قاعدة بيانات ضخمة وخوارزميات متطورة تجعلها من أبرز اللاعبين في مجال الذكاء الاصطناعي، لكنها تصطدم بعقبة كبرى تتعلق بالبنية التحتية للتصنيع نتيجة القيود الأمريكية المفروضة على تصدير المعدات المتقدمة.

فقد فرضت واشنطن سلسلة من الإجراءات التي حرمت الشركات الصينية من الحصول على أحدث آلات الطباعة الضوئية (EUV) المنتجة من قبل شركة ASML الهولندية، وهو ما أوقف قدرة مصانع مثل SMIC على مجاراة منافسين كبار مثل TSMC التايوانية وسامسونج الكورية. 

ومع أن هذه الخطوة تهدف إلى إبطاء تقدم الصين في تطوير المعالجات الدقيقة، فإنها في الوقت ذاته دفعت بكين إلى البحث بجدية عن حلول بديلة لتعويض هذا النقص الحرج.

معدات الطباعة

تشكل معدات الطباعة الضوئية الركيزة الأهم في عملية تصنيع المعالجات الإلكترونية، حيث تسمح باستخدام تقنيات الأشعة فوق البنفسجية العميقة (DUV) أو القصوى (EUV) لنقل التصميمات بالغة الدقة إلى شرائح السيليكون. 

وتعتمد معظم الشركات العالمية اليوم على أجهزة DUV لإنتاج رقاقات بمستويات متوسطة ومتقدمة تصل حتى 7 نانومتر، فيما تتيح أجهزة EUV الوصول إلى 5 و3 نانومتر، وهي الأجيال الأكثر طلبًا لتشغيل تقنيات الذكاء الاصطناعي الفائقة.

غير أن حرمان الصين من هذه المعدات جعلها مضطرة للاعتماد على ما تملكه من أجهزة مستوردة قبل فرض القيود أو الحصول على معدات مستعملة من السوق الثانوية، وهو ما يحد من قدرتها على المنافسة في الشرائح المتقدمة، حتى مع امتلاكها كفاءات في مجال التصميم والتطوير.

محاولات صينية

أمام هذا الوضع، تحركت الشركات الصينية لتقليص الفجوة التقنية، فقد بدأت شركة SMIC، أكبر مُصنّع رقاقات في البلاد، في اختبار جهاز محلي الصنع من معدات DUV طورته شركة Yuliangsheng الناشئة في شنغهاي. 

ويعتمد الجهاز على تقنية immersion DUV المشابهة لتلك التي تنتجها ASML، ما اعتبر خطوة مهمة نحو بناء منظومة تصنيع وطنية.

ووفقًا للتقارير، فإن هذا الجهاز يُستخدم حاليًا في محاولات لإنتاج رقاقات بدقة 28 نانومتر، مع طموح للتوصل إلى مستويات 7 نانومتر وربما 5 نانومتر في حال نجاح التعديلات التقنية، غير أن التحدي الأكبر يتمثل في ضمان استقرار عملية الإنتاج وتحقيق عوائد مرتفعة تسمح بالتصنيع التجاري على نطاق واسع. 

وفي الوقت نفسه، تطور شركات أخرى مثل SiCarrier مشاريع أولية لأجهزة EUV محلية، لكن محللين يرون أن الوصول إلى مستوى منافس لـASML ما زال بعيد المدى.

موقع الصين

عند النظر إلى سلسلة القيمة في صناعة أشباه الموصلات، يتضح أن الصين تتمتع بقوة ملحوظة في مجال التصميم، إذ تمتلك شركات مثل HiSilicon التابعة لهواوي وUNISOC التي تركز على معالجات الاتصالات وإنترنت الأشياء، كما تمتلك البلاد حضورًا كبيرًا في قطاع التجميع والاختبار عبر شركات مثل JCET وTongfu Microelectronics.

لكن الفجوة تظل واضحة في مجال التصنيع المتقدم، حيث لا تزال SMIC متأخرة عند مستوى 7 نانومتر مقارنةً بمصانع TSMC وسامسونج التي وصلت بالفعل إلى 3 نانومتر. 

وتكشف هذه الفجوة عن الحاجة الماسة إلى معدات أكثر تطورًا، وهو ما يجعل اعتماد الصين على الحلول المحلية في السنوات المقبلة أمرًا حتميًا، رغم أن الطريق طويل ومليء بالتحديات التقنية والاقتصادية.

ويمكن القول إن السنوات القادمة ستكون حاسمة في تحديد موقع الصين داخل خريطة صناعة الرقاقات العالمية، فإذا نجحت بكين في تطوير معدات محلية تنافس فعليًا نظيراتها الغربية، فإنها ستتمكن من تقليص اعتمادها على الخارج، وبالتالي تقليل تأثير القيود الأمريكية. 

أما إذا واجهت صعوبات في هذا المسار، فستظل مرتبطة إلى حد بعيد بالبنية التحتية العالمية التي تسيطر عليها شركات محدودة في الغرب والشرق الآسيوي.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً