الشبكات الرقمية تمنح رواد الأعمال قوة تسويق غير مسبوقة

لم يعد نجاح رواد الأعمال مقصورًا على امتلاك فكرة مبتكرة أو الحصول على تمويل ضخم، بل أصبح وجود بنية اتصالية قوية عبر الشبكات الرقمية أحد الأعمدة الأساسية لاقتحام الأسواق وتحقيق النمو.

وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن 68% من الشركات الناشئة في الشرق الأوسط تعتمد على الإنترنت عالي السرعة لتسويق منتجاتها، بينما يؤكد أكثر من 82% من رواد الأعمال الشباب أن وسائل التواصل الاجتماعي هي منصتهم الرئيسية للوصول إلى العملاء وتعزيز حضورهم التجاري.

بناء العلامة

شركة “ميتا” أوضحت في أحدث تقاريرها أن أكثر من 200 مليون مشروع صغير حول العالم يستخدم منصاتها الرقمية للتسويق والترويج.

وأشارت إلى أن الشركات الناشئة التي اعتمدت على الحملات عبر إنستجرام سجلت زيادة في المبيعات بنسبة 25% خلال عام 2024 مقارنة بنظيراتها التي لم تستفد من هذه الأدوات، وهو ما يعكس أهمية الشبكات الرقمية في بناء العلامة التجارية وتوسيع قاعدة العملاء بطريقة أسرع وأكثر كفاءة، خاصة مع سهولة الوصول إلى أسواق جديدة دون الحاجة إلى تكاليف ضخمة في الإعلانات التقليدية.

وصول مباشر

حجم سوق التسويق الرقمي عالميًا شهد نموًا متسارعًا، إذ تجاوز 600 مليار دولار في عام 2024 وفق تقديرات متخصصة.

ومن المتوقع أن يتخطى حاجز التريليون دولار بحلول عام 2030، هذه الأرقام تعكس التحول الاستراتيجي في خطط الشركات الناشئة التي لم تعد تعتمد على الطرق التقليدية للإعلان، بل تسعى للوصول المباشر إلى العملاء عبر الشبكات الرقمية، وهو ما يمنحها مرونة كبيرة في التوسع مع تقليل التكاليف التشغيلية، كما يتيح قياس النتائج بشكل فوري ودقيق مما يساعد على تطوير الحملات بشكل مستمر.

توسع رقمي

دراسة صادرة عن جهاز تنمية المشروعات أوضحت أن الشركات الصغيرة التي اعتمدت على أدوات التسويق الرقمي نجحت في زيادة إيراداتها بنسبة 35% خلال عام واحد فقط، كما أظهرت تجربة شركات ناشئة مثل "Homzmart" في قطاع الأثاث أن الاعتماد على التوسع الرقمي المدعوم بشبكات الاتصال الحديثة كان سببًا رئيسيًا في جذب استثمارات تجاوزت 23 مليون دولار، وهو ما يعكس الدور الحيوي لهذه الشبكات في دعم بيئة الأعمال، وفتح مجالات أوسع أمام الشركات الناشئة للوصول إلى مستثمرين عالميين.

المتابعون للمشهد الاقتصادي يرون أن هذه التحولات ليست مجرد طفرة عابرة، بل هي إعادة تشكيل حقيقية لسوق الأعمال، حيث أصبح الحضور الرقمي عنصرًا أساسيًا لتقييم جدوى أي مشروع، كما أن المنصات الاجتماعية لم تعد فقط وسيلة ترفيهية بل تحولت إلى أسواق متكاملة يمكن من خلالها شراء المنتجات والتفاعل المباشر مع العلامات التجارية، وهو ما يمنح رواد الأعمال فرصة غير مسبوقة للتواصل مع العملاء وبناء ولاء طويل الأمد.

ومع تسارع وتيرة التطور في تقنيات الاتصال والذكاء الاصطناعي، يتوقع أن تشهد السنوات المقبلة مزيدًا من الأدوات التي تساعد الشركات على التوسع بكفاءة أكبر، سواء عبر استهداف دقيق للعملاء أو توفير حلول تحليلية متقدمة، مما يجعل الاستثمار في الشبكات الرقمية خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه لأي رائد أعمال يسعى لتحقيق النمو والاستدامة في سوق يتسم بتنافسية عالية وتغيرات متسارعة.