سباق استثماري عالمي يرفع قيمة سوق الذكاء الاصطناعي

يشهد العالم سباقًا غير مسبوق بين شركات التكنولوجيا العملاقة للاستحواذ على مستقبل الذكاء الاصطناعي المولّد للمحتوى، حيث دفعت مايكروسوفت بأكثر من 13 مليار دولار في شركة OpenAI لدعم منصة ChatGPT، في حين سارعت جوجل لضخ 4 مليارات دولار في شركة Anthropic لتعزيز نموذجها "Claude".

وتشير التقارير البحثية إلى أن هذا القطاع مرشح للوصول إلى قيمة تتجاوز 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2032، مما يضعه في صدارة أسواق الابتكار الرقمي خلال العقد المقبل.

استثمارات آسيوية

لم يقتصر السباق على الشركات الأمريكية، إذ دخلت شركات آسيوية كبرى على الخط، وعلى رأسها "بايدو" التي طورت روبوت المحادثة "Ernie Bot" واستثمرت نحو 1.5 مليار دولار في هذا المجال.

كما عززت "سامسونج" جهودها عبر إنشاء مراكز بحثية متقدمة في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وتشير البيانات إلى أن الصين وحدها تعتزم ضخ 15 مليار دولار سنويًا في تقنيات الذكاء الاصطناعي المولّد بحلول عام 2027، ما يجعلها منافسًا محوريًا في إعادة رسم خريطة الابتكار العالمي.

سوق العمل

الاستثمارات الهائلة في الذكاء الاصطناعي انعكست مباشرة على سوق العمل، حيث أظهرت دراسة أعدتها "جولدمان ساكس" أن ما يقرب من 300 مليون وظيفة باتت معرضة للتغيير أو الاستبدال بفعل أدوات الذكاء الاصطناعي، في الوقت ذاته ظهرت مجالات عمل جديدة مثل "هندسة الأوامر" و"تصميم البيانات".

وسجلت هذه القطاعات نموًا ملحوظًا بنسبة 23% في الطلب على المهارات خلال عام 2024، خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية، وهو ما يعكس التحولات الجذرية التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على أسواق العمل التقليدية.

توسع الاستخدام

جانب آخر من المنافسة يتمثل في توسيع قاعدة الاستخدام العالمي، إذ أعلنت مايكروسوفت أن عدد مستخدمي Copilot تجاوز 150 مليون مستخدم نشط شهريًا، بينما أفادت جوجل بأن خدمتها Bard حققت وصولًا إلى نحو 60 مليون مستخدم.

وهذه الأرقام تكشف أن المعركة لم تعد محصورة في الجانب التقني، بل تحولت إلى سباق واسع على المستخدمين والعقول والأسواق، وسط مؤشرات على أن الحصة الأكبر ستذهب للشركات التي تستطيع دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف التطبيقات اليومية.

التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن سباق الذكاء الاصطناعي بات عاملًا رئيسيًا في صياغة ملامح الاقتصاد الرقمي، كما أنه يفرض على الحكومات والشركات إعادة النظر في استراتيجياتها، سواء من حيث الاستثمار أو التشريعات أو التدريب، ومع دخول المزيد من اللاعبين من آسيا وأوروبا، يبدو أن السنوات المقبلة ستشهد تحولًا نوعيًا يضع الذكاء الاصطناعي في قلب المنافسة الاقتصادية العالمية.