البطاريات الذكية تقود التحول نحو مستقبل الطاقة المتجددة في مصر

أصبحت البطاريات الذكية محورًا رئيسيًا في خطط مصر للتحول نحو الطاقة المتجددة، حيث أعلنت وزارة الكهرباء أن استثمارات تجاوزت 500 مليون دولار تم توجيهها خلال عام 2024 لتطوير أنظمة تخزين الكهرباء، بهدف الاستفادة القصوى من الطاقة المولدة عبر الشمس والرياح حتى في ساعات الليل، وهو ما يمثل نقلة نوعية في البنية التحتية للطاقة.

استقرار الشبكة

التقنيات الحديثة مثل بطاريات الليثيوم أيون وبطاريات تدفق الفاناديوم بدأت تجد مكانها في السوق المصرية، إذ قدمت شركات عالمية مثل Tesla Energy وCATL الصينية حلولًا بقدرات وصلت إلى 250 ميجاوات/ساعة في مواقع تجريبية متعددة، الأمر الذي ساعد على تحقيق استقرار أكبر في الشبكة وتقليل الانقطاعات المتكررة خاصة في المناطق البعيدة عن المراكز الحضرية.

إدخال هذه الأنظمة عزز من مرونة منظومة الكهرباء، حيث أصبح بالإمكان تخزين الفائض من الكهرباء المولدة في أوقات النهار وإعادة ضخها عند الحاجة، ما يضمن استمرار الخدمة دون انقطاع، ويقلل من الضغط على الشبكة في أوقات الذروة، وهو ما يمثل تحديًا حقيقيًا أمام قطاع الكهرباء في مصر.

المشروعات المحلية

البيانات تشير إلى أن تكلفة تخزين الكيلووات/ساعة عبر البطاريات انخفضت عالميًا بنسبة 80% منذ عام 2013، وهو ما انعكس بشكل إيجابي على الجدوى الاقتصادية للمشروعات المحلية، خاصة مع توجه الدولة نحو إضافة وحدات تخزين بطاقة إجمالية تصل إلى 1 جيجاوات/ساعة بحلول عام 2030، بما يجعل مصر واحدة من أبرز الدول الإقليمية في قطاع تخزين الطاقة.

الخبراء يرون أن هذه الخطط لن تسهم فقط في دعم مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بل ستخلق فرصًا جديدة للاستثمار المحلي والأجنبي، حيث من المتوقع دخول شركات ناشئة مصرية بقوة إلى هذا القطاع، مدعومة بالطلب المتزايد على حلول تخزين مستدامة وفعالة من حيث التكلفة.

تقليل الانبعاثات

الأثر البيئي لهذه الخطوات بدا واضحًا مع الإعلان عن تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 1.2 مليون طن سنويًا بفضل اعتماد نظم التخزين الحديثة، إضافة إلى تراجع الاعتماد على محطات الكهرباء العاملة بالغاز، وهو ما يدعم التوجه الحكومي نحو خفض الانبعاثات بنسبة 30% بحلول 2035.

هذه النتائج ليست محصورة على البيئة فقط، بل تمتد لتشمل الاقتصاد، حيث يسهم تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في تخفيف الضغط على الموازنة العامة، ويمنح مصر موقعًا متقدمًا في سوق الطاقة النظيفة الذي يشهد منافسة متزايدة عالميًا، كما يفتح الباب أمام شراكات إقليمية ودولية تعزز مكانة مصر كمركز للطاقة الخضراء.

تتضح أهمية البطاريات الذكية في كونها ليست مجرد تقنية مساندة، بل عنصرًا استراتيجيًا في معادلة التحول الطاقوي، فهي تربط بين إنتاج الكهرباء المتجدد واستدامة توفيره، وتمنح مصر فرصة تاريخية لبناء منظومة متكاملة قادرة على مواجهة تحديات المستقبل.