أوبرا تقدم متصفح "نيون" الذكي لتوسيع مفهوم التصفح التفاعلي

دخلت شركة أوبرا سباق التصفح الذكي بقوة بعد كشفها عن متصفحها الجديد "نيون" Neon المدعوم بالذكاء الاصطناعي، في خطوة تستهدف تحويل تجربة الإنترنت إلى بيئة عمل متكاملة قادرة على تنفيذ الأوامر وتحليل البيانات وكتابة الأكواد داخل صفحات الويب، لتضع الشركة نفسها في مواجهة مباشرة مع كبرى شركات التقنية التي تتسابق لدمج الذكاء الاصطناعي في أدوات التصفح اليومية.

خطوة استراتيجية

أعلنت أوبرا أن "نيون" لا يقتصر على عرض المواقع فقط، بل يعمل كمساعد ذكي يمكنه فهم المهام وتنفيذها دون الحاجة إلى مغادرة صفحة الويب، حيث يستطيع المتصفح الجديد ملء النماذج ومقارنة البيانات بين المواقع وكتابة الأكواد البرمجية مباشرة داخل النافذة، مما يجعله أداة إنتاجية متقدمة بدلاً من أن يكون مجرد وسيط للبحث. 

وتؤكد الشركة النرويجية أن تقنية "نيون دو" تتيح للمتصفح التنقل بين الصفحات تلقائياً نيابة عن المستخدم دون إرسال البيانات إلى خدمات سحابية، وهو ما يمنح المستخدمين تحكماً كاملاً في معلوماتهم.

ويأتي هذا التطوير في وقت تشهد فيه صناعة المتصفحات تحولات كبيرة نحو الذكاء الاصطناعي، بعد أن أطلقت شركات مثل "Perplexity AI" متصفح "كوميت"، و"ذا براوزر كومباني" متصفح "ديا"، بينما تستعد "أوبن إيه آي" لإطلاق متصفح يعتمد على "كروميوم" ومتكامل مع وكيلها الرقمي "أوبيريتور"، بما يسمح للمستخدمين بإتمام المعاملات داخل واجهة الدردشة مباشرة.

تجربة متكاملة

تروج أوبرا لمتصفح "نيون" كمنتج موجّه للمستخدمين المحترفين والمؤسسات التي تبحث عن أدوات ذكية تعزز الكفاءة، إذ يتيح المتصفح إنشاء "مهام" مستقلة يستطيع الذكاء الاصطناعي من خلالها تحليل مصادر متعددة في الوقت نفسه، إلى جانب ميزة "البطاقات" التي توفر قوالب جاهزة للعمليات المتكررة، مثل جمع البيانات أو إعداد التقارير، مما يسهم في أتمتة سير العمل اليومي. 

وتوضح الشركة أن جميع هذه العمليات تنفذ محلياً على الجهاز دون الحاجة إلى الاتصال بخوادم خارجية، وهو ما يرفع مستوى الأمان ويحافظ على خصوصية المستخدم.

كما أكدت أوبرا أن الوصول المبكر إلى المتصفح بدأ بالفعل، مع خطط لتوسيع الإتاحة تدريجياً خلال الأشهر المقبلة، بينما تسعى إلى تطوير بيئة من الإضافات المخصصة التي تعزز تفاعل المستخدم مع الذكاء الاصطناعي داخل المتصفح، مثل أدوات البرمجة الفورية ومحررات النصوص التلقائية، بما يجعل "نيون" منصة عمل رقمية متكاملة أكثر منه متصفحاً تقليدياً.

خصوصية وتحول

تأسست أوبرا عام 1995 ويقع مقرها الرئيسي في أوسلو، وتمتلك اليوم أكثر من 300 مليون مستخدم نشط حول العالم عبر منصاتها المختلفة، وتركز الشركة في تصميم "نيون" على تعزيز الخصوصية، خاصة للمستخدمين الأوروبيين الذين يواجهون قيوداً تنظيمية صارمة بشأن جمع البيانات. 

وتعتبر الشركة أن المعالجة المحلية للمهام داخل الجهاز تمنحها ميزة تنافسية أمام المتصفحات التي تعتمد على الخوادم السحابية لتشغيل أنظمتها الذكية.

وقد انعكست هذه التوجهات التقنية على أداء الشركة المالي، حيث شهدت أسهم أوبرا ارتفاعاً واضحاً خلال الأعوام الثلاثة الماضية نتيجة زيادة الطلب على حلول الذكاء الاصطناعي المتكاملة وتفاؤل المستثمرين بتوسعها في هذا المجال، مما يعزز مكانتها كشركة رائدة في مجال تصفح الإنترنت الذكي.

ويرى محللون أن إطلاق "نيون" يمثل بداية مرحلة جديدة في تطور المتصفحات، إذ يسعى كل منافس إلى تحويل المتصفح من أداة بحث إلى منصة إنتاج قادرة على التفكير والتنفيذ والتحليل، وهو ما قد يعيد رسم خريطة المنافسة في سوق البرمجيات خلال السنوات المقبلة. 

ومع استمرار التوجه العالمي نحو الدمج بين الذكاء الاصطناعي وتجربة المستخدم، يبدو أن متصفح أوبرا الجديد قد يكون خطوة حاسمة في تحديد ملامح مستقبل الإنترنت التفاعلي.