الجمعة، 17 أكتوبر 2025

07:18 ص

tru

جوجل تعيد رسم حدود الحرية في أندرويد بسياسة تحقق إلزامي جديدة للتطبيقات

جوجل

جوجل

ياسين عبد العزيز

A A

أعلنت جوجل عن تطبيق سياسة جديدة تُلزم جميع التطبيقات المثبتة من خارج متجر Play Store بالخضوع لعملية تحقق رقمية إلزامية. 

ورغم أن الشركة تؤكد أن حرية التثبيت الجانبي لن تُلغى، إلا أن هذه الخطوة تمثل تحولًا كبيرًا في فلسفة أندرويد التي لطالما قامت على الانفتاح والمرونة في تثبيت التطبيقات.

بداية التحول

منذ سنوات، كان المستخدمون يعتبرون ميزة “التثبيت الجانبي” واحدة من ركائز هوية أندرويد المفتوحة، إذ تتيح لهم تنزيل التطبيقات من أي مصدر دون قيود تُذكر، لكن وفقًا لبيان جوجل الأخير، فإن تلك المرحلة من “الحرية المطلقة” اقتربت من نهايتها، بعدما أكدت الشركة أن الحاجة إلى تعزيز الأمان أصبحت أولوية لا يمكن تجاهلها.

تأتي السياسة الجديدة في إطار خطة أوسع لحماية المستخدمين من البرمجيات الضارة، خاصة بعدما كشفت دراسات داخلية أن التطبيقات المثبتة من خارج المتجر الرسمي تُظهر نشاطًا خبيثًا بمعدل يزيد خمسين مرة مقارنة بالتطبيقات المتاحة عبر متجر Play. 

وبموجب النظام الجديد، سيُطلب من كل مطور توقيع رقمي موثوق يثبت هويته الحقيقية، وهو ما سيسمح لجوجل بتعقب التطبيقات الضارة وإيقافها على الفور.

أسباب الأمان

تؤكد جوجل أن هذه الخطوة ليست موجهة ضد حرية المستخدمين، بل تهدف إلى إرساء معايير موحدة للثقة والمساءلة في نظام أندرويد بأكمله. 

وأشارت في تدوينة رسمية إلى أن التثبيت الجانبي “لن يختفي إطلاقًا”، لكنه سيتحول إلى عملية أكثر انضباطًا وأمانًا. 

وتوضح أن هذا النظام الجديد سيمنحها القدرة على إلغاء شهادات المطورين الذين يثبت تورطهم في توزيع تطبيقات خبيثة، ما يؤدي تلقائيًا إلى حظرها من العمل على جميع الأجهزة.

في المقابل، يرى بعض الخبراء أن هذا التوجه، رغم نواياه الأمنية، قد يحمل آثارًا جانبية على بيئة المطورين المستقلين ومتاجر التطبيقات البديلة مثل F-Droid، فهذه المنصات تعتمد على مفهوم مفتوح المصدر ولا تُلزم مطوريها غالبًا بالكشف عن هوياتهم الحقيقية، ما يجعلها عرضة للتقييد في حال تنفيذ القواعد الجديدة بحزم مفرط.

تحديات المطورين

بالنسبة للمستخدمين العاديين، لن يكون بمقدورهم بعد الآن تثبيت ملفات APK غير موقعة، إذ ستتولى أنظمة أندرويد رفضها تلقائيًا. 

ومع ذلك، سيظل المطورون قادرين على اختبار تطبيقاتهم محليًا باستخدام أدوات مثل Android Studio أو ADB، دون الحاجة إلى التحقق الرسمي، غير أن أي تطبيق موجه للنشر العام سيُجبر على الامتثال للسياسة الجديدة لضمان إمكانية تثبيته على أجهزة المستخدمين.

وقد أعرب القائمون على متجر F-Droid عن قلقهم من أن ما يقرب من 30% من التطبيقات التي يزيد عددها عن 4000 تطبيق قد تتأثر سلبًا بهذه السياسة، إذا لم تراعِ جوجل خصوصية النماذج المفتوحة، كما حذروا من أن هذا التوجه قد يحد من الابتكار ويقوض روح المشاركة المجتمعية التي ميزت النظام منذ بدايته.

هوية النظام

يثير هذا التحول تساؤلات أعمق حول هوية أندرويد المستقبلية، فبينما يرى المؤيدون أنه انتصار منطقي للأمان وحماية المستخدم، يخشى آخرون أن تكون جوجل قد بدأت في إغلاق ما تبقى من أبواب الانفتاح في نظامها، ويشبّه بعض النقاد هذا الاتجاه بمحاولات آبل لتقييد المستخدمين داخل منظومتها المغلقة، وهو ما يتعارض مع الأسس التي بُني عليها أندرويد في الأصل.

جوجل من جانبها تؤكد أن هدفها هو الموازنة بين “الاختيار والحماية”، معتبرة أن أندرويد سيبقى منصة مفتوحة لكن أكثر وعيًا بمخاطر الأمان السيبراني. 

ومع بدء تطبيق السياسة فعليًا خلال الأشهر المقبلة، سيبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح الشركة في إقناع المطورين بأن الأمان لا يعني بالضرورة تقييد الحرية؟

search

أكثر الكلمات انتشاراً