شاومي تتحدى الكبار وتعد بتحديثات لمدة ست سنوات لهاتف اقتصادي

أعلنت شركة شاومي عن وعدٍ غير متوقع بتوفير ست سنوات من التحديثات الأمنية لهاتفها الجديد Redmi 15C 5G الذي لا يتجاوز سعره 200 دولار فقط، لتكسر بذلك القاعدة الراسخة التي حصرت الدعم البرمجي الطويل في الهواتف الرائدة مرتفعة السعر. 

هذه الخطوة تمثل ثورة حقيقية في فلسفة الشركات تجاه الأجهزة الاقتصادية، وتفتح نقاشاً واسعاً حول مدى واقعية الوعود الطويلة في سوقٍ يتغير بسرعة البرق.

تشريعات أوروبية

يأتي قرار شاومي في وقت يشهد فيه السوق العالمي تغيرات تنظيمية كبيرة، إذ فرض الاتحاد الأوروبي في العام الجاري قواعد صارمة تُلزم الشركات بتقديم التحديثات البرمجية لفترات أطول، حتى بعد توقف بيع الأجهزة في الأسواق، وتهدف هذه القوانين إلى الحد من النفايات الإلكترونية وتشجيع المستهلكين على الاحتفاظ بأجهزتهم لمدة أطول.

ورغم وضوح هذه التشريعات، لا تزال معظم الشركات تواجه صعوبات في تطبيقها على الأجهزة منخفضة التكلفة، نظراً للتكاليف العالية التي تتطلبها عملية تطوير التحديثات وضمان توافقها مع المكونات التقنية لكل طراز على حدة، لذلك، كان من النادر أن تُقدم شركة على وعد بهذا الحجم لهاتف اقتصادي، إلى أن قررت شاومي كسر هذا الحاجز.

معادلة صعبة

السبب الرئيسي الذي يجعل الشركات تتردد في تحديث الهواتف الرخيصة يعود إلى معادلة التكلفة مقابل العائد، فعملية تطوير التحديثات ليست مجرد إضافة ميزات جديدة، بل تشمل مراحل متعددة تبدأ من اختبار التوافقية وانتهاءً بضمان استقرار النظام بعد التحديث، بالنسبة لهاتف لا تتجاوز قيمته 200 دولار، قد تكون تكلفة هذه العمليات غير منطقية اقتصاديًا.

إضافة إلى ذلك، يُشكّل عامل الوقت تحديًا آخر، إذ يحتاج كل تحديث إلى فرق هندسية متخصصة تتابع الأداء وتتعامل مع الأعطال المحتملة. 

ومع محدودية العائد من بيع الأجهزة الاقتصادية، تميل الشركات عادةً إلى تجاهل هذه الفئة في خطط التحديث الطويلة، مفضلةً تركيز جهودها على الهواتف الرائدة التي تدر أرباحًا أكبر.

وعد استثنائي

لكن شاومي قررت قلب المعادلة، إذ أعلنت رسميًا عن التزامها بتقديم ست سنوات كاملة من التحديثات الأمنية لهاتف Redmi 15C 5G، وهو ما يعني أن الدعم سيستمر حتى عام 2031. 

هذا القرار، إن تم الالتزام به فعليًا، سيجعل الهاتف أحد أطول الأجهزة دعمًا في فئته السعرية، متفوقًا على معظم المنافسين المباشرين.

الهاتف الذي يُباع عالميًا بما يعادل 200 دولار فقط، سيحصل أيضًا على تحديثات أندرويد رئيسية حتى Android 17 على الأقل، وفق ما أكدت شاومي في بيانها. 

ومع أن الشركة لم توضح بعد ما إذا كانت ستوفر ترقيات إضافية بعد ذلك، إلا أن مجرد الالتزام بهذا الحد الأدنى يعتبر إنجازًا كبيرًا في سوق الأجهزة الاقتصادية.

ورغم إيجابية الإعلان، تبقى هناك تساؤلات بشأن وتيرة التحديثات، إذ لم تكشف شاومي عن عدد مرات إصدارها سنويًا، ما يثير احتمال أن تكون التحديثات الأمنية سنوية فقط، وليس شهرية كما هو الحال في الأجهزة الرائدة.

مقارنة ومصداقية

عند مقارنة وعد شاومي بما تقدمه شركات أخرى مثل سامسونج، يظهر الفارق في الموثوقية، فعلى الرغم من إعلان سامسونج سابقًا عن نيتها توفير ست سنوات من التحديثات لهواتفها الاقتصادية مثل Galaxy A17 5G، إلا أن مراجعات المستخدمين تشير إلى أن التنفيذ على أرض الواقع لا يتطابق دائمًا مع الوعود المعلنة، بسبب التأخير أو التوقف المفاجئ بعد عدة سنوات.

في المقابل، تُعتبر شاومي أكثر اتساقًا في تنفيذ وعودها خلال السنوات الماضية، خصوصًا مع هواتف Redmi التي تلقت تحديثات مستمرة رغم انخفاض أسعارها، ما يجعل وعدها الجديد أكثر مصداقية في نظر المستخدمين. 

كما أن خطوة شاومي تتناغم مع توجه أوروبي متزايد نحو الاستدامة التقنية، إذ تسعى الشركات إلى تقليل استهلاك الموارد عبر إطالة عمر الأجهزة بدلاً من استبدالها سريعًا.

ولعلّ ما يعزز هذه الخطوة هو النموذج الملهم لشركة Fairphone الهولندية، التي أثبتت أن تقديم تحديثات طويلة الأمد حتى للأجهزة محدودة المواصفات أمر ممكن إذا وُجدت الإرادة والالتزام، يبدو أن شاومي تسير على هذا النهج، محاولةً أن تضع معيارًا جديدًا للمنافسة يقوم على "الاستمرارية بدل الفخامة".

في النهاية، قد لا يكون وعد شاومي مجرد حملة تسويقية مؤقتة، بل بداية لحقبة جديدة من الموثوقية في سوق الهواتف الاقتصادية، حيث لم يعد المستخدم مضطرًا لاختيار بين السعر المعقول والأمان الرقمي، فإذا التزمت الشركة فعلاً بهذا الوعد، فإن Redmi 15C 5G سيُسجّل اسمه كأول هاتف يحقق معادلة الجودة والاستدامة في فئة الـ200 دولار.