الجمعة، 10 أكتوبر 2025

05:07 م

tru

الذكاء الاصطناعي ينتزع مقعد الـ"اتش آر" ويقود مقابلات التوظيف بنفسه

مقابلات التوظيف

مقابلات التوظيف

A A

في مشهد غير مسبوق يعكس التحولات الجذرية التي يشهدها سوق العمل العالمي، كشفت دراسة حديثة أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة في الكتابة أو تنظيم المهام، بل أصبح فاعلًا رئيسيًا في عمليات الموارد البشرية، حتى أنه بدأ يتولى مهامًا كانت حكرًا على البشر مثل إجراء المقابلات الوظيفية وتقييم أداء الموظفين وصياغة رسائل التسريح.

تحول جذري

وبحسب استطلاع أجرته شركة ZeroBounce على عينة من ألف متخصص أمريكي، فإن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل يتزايد بوتيرة متسارعة، خصوصًا في مجالات تتطلب التواصل اليومي مع الزملاء والعملاء.

 وأوضح التقرير أن 24% من الموظفين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل يومي لتحرير الرسائل الإلكترونية أو إعدادها، مع تصدر العاملين في قطاعات التكنولوجيا والتسويق قائمة المستخدمين الأكثر اعتمادًا على هذه الأدوات.

وأشار التقرير إلى أن هذا التحول تجاوز فكرة الاستخدام المساعد ليصبح الذكاء الاصطناعي بمثابة شريك إداري غير مرئي، حيث بدأت بعض الشركات في الاستعانة بأنظمة تحليل لغوي ذكية لإجراء مقابلات أولية مع المرشحين للوظائف، وقياس مدى توافقهم مع متطلبات العمل من خلال الصوت، ونبرة الحديث، وطريقة التعبير.

نتائج مقلقة

ورغم المزايا التي توفرها هذه الأنظمة في توفير الوقت وتقليل التكاليف، إلا أن الدراسة لفتت إلى جانب مظلم من هذا التوجه، إذ أقر 35% من الموظفين باستخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة نصوص حساسة دون مراجعتها، بينما يقوم بعضهم بنسخ النصوص الناتجة من الأدوات الذكية ولصقها كما هي دون تعديل، ما يقلل من الأصالة واللمسة الإنسانية في المراسلات الداخلية.

كما كشف الاستطلاع أن واحدًا من كل خمسة موظفين استطاع اكتشاف أن رسائل البريد الإلكتروني التي يتلقاها من زملائه كانت مكتوبة بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما يثير تساؤلات حول مصداقية التواصل داخل بيئة العمل الحديثة. 

ويبدو أن الاعتماد المفرط على هذه الأدوات جعلها “عكازًا رقميًا” يعتمد عليه الموظفون في كل تفصيل صغير، حتى في المواقف التي تتطلب حسًا إنسانيًا أو عاطفيًا خاصًا.

فقدان التعاطف

الأخطر في نتائج الدراسة تمثل في دخول الذكاء الاصطناعي مجال تقييم الأداء وتسريح الموظفين، إذ أعرب 26% من العاملين عن شكوكهم في أن تقارير تقييمهم أُعدت جزئيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، بينما يعتقد 16% ممن تم فصلهم من وظائفهم أن رسائل إنهاء الخدمة التي تلقوها كانت مكتوبة بالكامل بواسطة نظام ذكي لا يمتلك أي حس إنساني.

وأشارت النتائج إلى أن 20% من هؤلاء الموظفين لم يتمكنوا من تمالك أنفسهم وبكوا عند قراءة تلك الرسائل التي وصفوها بأنها “باردة وخالية من المشاعر”، ما يعكس فجوة متنامية بين التقنية والإنسان في أماكن العمل. 

ومع ذلك، يرى بعض المديرين أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في هذه الإجراءات يعزز الوضوح والحياد ويحدّ من تأثير العواطف على القرارات الإدارية.

قيادة المستقبل

ومن المثير أن 41% من المديرين المشاركين في الاستطلاع أقروا باستخدام الذكاء الاصطناعي لصياغة أو مراجعة تقييمات الأداء، فيما اعترف 17% منهم بالاعتماد عليه في كتابة رسائل التسريح أو قرارات النقل الإداري، معتبرين أن هذه الأدوات تساعد في صياغة نصوص أكثر دقة واتساقًا. 

ومع ذلك، عبّر بعض القادة عن قلقهم من أن موظفيهم أصبحوا أكثر مهارة منهم في التعامل مع تلك التقنيات، وهو ما قد يعيد توزيع الأدوار داخل بيئة العمل في المستقبل القريب.

وبينما يرى مؤيدو الذكاء الاصطناعي أنه يسهم في رفع الكفاءة وتخفيف الأعباء الإدارية، يحذر خبراء الموارد البشرية من أن الإفراط في استخدامه قد يُفقد أماكن العمل جوهرها الإنساني القائم على التفاعل والمشاعر، مؤكدين أن “التكنولوجيا يجب أن تُكمل الإنسان لا أن تحل محله”.

ويبدو أن المؤسسات تقف اليوم أمام اختبار صعب بين الحفاظ على القيم الإنسانية في بيئة العمل، وبين الانخراط في سباق رقمي لا مكان فيه للعواطف، حيث يُتوقع أن تتضاعف نسبة الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف والتقييم خلال العامين المقبلين، مما يجعل السؤال الأهم هو: هل يمكن أن ينجح الإنسان في البقاء على رأس منظومة صنع القرار وسط صعود الآلات؟

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً