ميتا تعيد صياغة خوارزميات فيسبوك لمنافسة تيك توك بقوة المحتوى القصير

في خطوة جديدة تعكس رغبة شركة ميتا في استعادة مكانة فيسبوك بين المنصات الرقمية الأكثر جاذبية، أعلنت الشركة عن سلسلة من التحديثات المهمة التي تستهدف تطوير تجربة Reels، وهي الميزة الخاصة بمقاطع الفيديو القصيرة داخل التطبيق. 

وتهدف هذه التحديثات إلى جعل خوارزميات التوصيات أكثر ذكاءً وسرعة في التعرف على اهتمامات المستخدمين، بما يتيح عرض محتوى حديث ومتوافق مع ميولهم في الزمن الفعلي تقريبًا.

تجربة متجددة

تأتي هذه التحسينات ضمن خطة واسعة تسعى من خلالها ميتا إلى إعادة تعريف تجربة استخدام فيسبوك، بعد سنوات من التراجع في شعبية المنصة أمام منافسين مثل تيك توك ويوتيوب شورتس. 

وقد صرّح الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج في وقت سابق بأنه متحمس لما وصفه بـ"العودة إلى تجربة فيسبوك الأصلية"، مؤكدًا أن تعزيز تجربة الفيديو القصير يمثل محورًا رئيسيًا في استراتيجية الشركة المستقبلية.

ووفقًا للبيانات الجديدة التي نشرتها ميتا، فقد أصبح فيسبوك يعرض الآن المقاطع التي ينشرها صُنّاع المحتوى في نفس اليوم بنسبة أعلى تصل إلى 50% مقارنة بالفترة السابقة، وهو ما يمنح المستخدمين فرصة لمتابعة أحدث المقاطع فور صدورها، مما يعزز الإقبال على المحتوى الجديد ويحفز زيادة التفاعل داخل المنصة.

تفاعل الأصدقاء

من أبرز الإضافات الجديدة التي كشفت عنها ميتا ميزة تُعرف باسم "فقاعات الأصدقاء" (Friend Bubbles)، وهي خاصية مبتكرة تظهر في الزاوية السفلية من مقاطع الفيديو لتُبرز للمستخدم ما إذا كان أحد أصدقائه قد أعجب بالمقطع أو تفاعل معه. 

كما يمكن من خلال النقر على الفقاعة فتح محادثة مباشرة مع الصديق حول الفيديو، ما يعيد التركيز إلى العنصر الاجتماعي الذي كان في صميم تجربة فيسبوك منذ بداياته.

وقالت الشركة في بيان رسمي: "إن رؤية تفاعلات الأصدقاء كانت دائمًا جزءًا أساسيًا من هوية فيسبوك، ونحن نعمل على إعادة هذا الجانب من التجربة عبر مزايا جديدة تُعيدنا إلى الجذور التي بدأنا منها". 

ويبدو أن هذه الخطوة جاءت لتشجيع المستخدمين على التواصل البشري الحقيقي، في وقت أصبحت فيه الخوارزميات تقود كثيرًا من أنشطة التفاعل داخل المنصات الرقمية.

خوارزميات مطوّرة

وبحسب تقرير نتائج ميتا المالية الأخير، فقد أدى تحسين أنظمة الترتيب والتوصية إلى زيادة الوقت الذي يقضيه المستخدمون في مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة على فيسبوك بأكثر من 20% على أساس سنوي، هذه الأرقام تؤكد نجاح الشركة في جعل المحتوى المرئي أكثر جاذبية للمستخدمين، خاصة في ظل المنافسة الشرسة على انتباههم بين المنصات المختلفة.

وتعود أهمية هذه التطويرات إلى أن خوارزميات التوصية أصبحت اليوم هي العنصر الحاسم في تحديد نجاح أي منصة اجتماعية، إذ يعتمد المستخدمون بشكل كبير على ما تقترحه عليهم الأنظمة الذكية من محتوى، ولهذا، تحاول ميتا تحسين دقة التوصيات لتصبح أكثر شخصية وملاءمة لكل مستخدم، ما يجعل تجربة تصفح Reels أكثر سلاسة وتنوعًا.

منافسة محتدمة

وكانت ميتا قد أعلنت في يونيو الماضي عن توحيد كافة أشكال الفيديو ضمن فئة Reels وإلغاء قيود المدة الزمنية، في محاولة لتبسيط التجربة وجعل المنصة أكثر انسجامًا مع أنماط استهلاك المحتوى الحديثة. 

ومع ذلك، فإن المنافسة مع تيك توك لا تزال محتدمة، إذ يجذب الأخير فئة واسعة من المستخدمين الشباب الذين يفضلون المقاطع القصيرة السريعة.

ويبدو أن ميتا تراهن على الجمع بين ذكاء الخوارزميات وروح التواصل الاجتماعي لاستعادة الجمهور الشاب الذي هجر المنصة خلال السنوات الأخيرة، كما أن فيسبوك يسعى إلى دمج عناصر اجتماعية أكثر تفاعلية في تجربة المشاهدة، لجعلها مزيجًا بين الترفيه والتواصل الحقيقي، وهو ما قد يمثل نقطة التحول الكبرى في مستقبل التطبيق.

في ضوء هذه التحديثات، يتضح أن فيسبوك يحاول استعادة بريقه المفقود من خلال التوازن بين التقنية والعلاقات الاجتماعية، لتقديم تجربة تجمع بين سرعة تيك توك وغنى التفاعل الاجتماعي الذي لطالما ميّز المنصة في بداياتها. 

وإذا ما استمرت ميتا في تطوير هذا المسار بنفس الوتيرة، فقد يتمكن فيسبوك من استعادة مكانته كمنصة رائدة في المحتوى القصير والتواصل الإنساني في آن واحد.