آبل تفرض ضوابط جديدة على استخدام الآيفون للقصر في أمريكا

تتحرك شركة آبل لتنفيذ سياسة جديدة تقيّد استخدام هواتف آيفون من قبل القصر في الولايات المتحدة، وذلك استجابة لقانون أقرته ولاية تكساس يهدف إلى حماية القُصّر من مخاطر الاستخدام المفرط والتعرض للمحتوى غير المناسب، حيث تُلزم القوانين الجديدة شركات التقنية بالتحقق من أعمار المستخدمين قبل منحهم صلاحية امتلاك حساباتهم الخاصة.

تأتي هذه الخطوة بعد سنوات من الجدل حول فشل أنظمة التحقق من العمر المعتمدة على إدخال البيانات اليدوية، إذ كانت معظمها تطبق عبر البرمجيات دون تدخل مباشر من الشركات المصنعة للأجهزة، وهو ما أدى إلى استمرار القُصّر في إنشاء حسابات دون رقابة، لذلك بدأت الولايات الأمريكية في الضغط نحو تطبيق حلول أكثر واقعية تربط الهوية الرقمية بعمر المستخدم الفعلي.

قيود إلزامية

بموجب قانون ولاية تكساس، الذي يدخل حيز التنفيذ مطلع عام 2026، ستكون آبل ملزمة بالتحقق من عمر كل مستخدم يحاول إنشاء حساب جديد على أجهزة آيفون، وسيتعين على كل مستخدم تأكيد أنه يبلغ 18 عامًا أو أكثر، بينما يُشترط على المستخدمين دون هذا السن الانضمام إلى مجموعة Family Sharing الخاصة بالعائلة، بحيث لا يمكنهم امتلاك الجهاز أو إنشاء حساب مستقل دون موافقة أحد الوالدين أو الوصي القانوني.

وتوضح آبل أن النظام الجديد يهدف إلى ضمان أن كل مستخدم قاصر سيخضع لإشراف مباشر من ولي الأمر عبر نظام المشاركة العائلية، إذ يتيح هذا النظام مراقبة التطبيقات التي يتم تحميلها، وضبط أوقات الاستخدام، والتحكم في حدود الإنفاق داخل المتجر، وهو ما يضع مسؤولية أكبر على الآباء في إدارة استخدام أطفالهم للأجهزة الذكية.

تحديثات للمطورين

كما أصدرت آبل تعليمات جديدة للمطورين تلزمهم بتعديل سلوك تطبيقاتهم ليتوافق مع القوانين المحلية الخاصة بالتحقق من العمر، وذكرت الشركة أنها تعمل على تطوير واجهة برمجة تطبيقات جديدة تعرف باسم Declared Age Range API، وهي أداة تتيح للمطورين معرفة الفئة العمرية للمستخدمين الجدد في ولاية تكساس، وتحديث تطبيقاتهم وفقًا لذلك، بحيث لا يتم السماح للقُصّر بالوصول إلى المحتوى غير الملائم.

وتتضمن التحديثات أيضًا أدوات إضافية تتيح للآباء إمكانية إلغاء موافقتهم على استخدام أطفالهم لأي تطبيق في أي وقت، مع تمكينهم من التحكم في إعدادات الخصوصية والوصول إلى التقارير المتعلقة بالاستخدام، وتهدف آبل من خلال هذه الإجراءات إلى بناء بيئة رقمية أكثر انضباطًا تتماشى مع التوجهات التشريعية الجديدة داخل الولايات المتحدة.

توسع تدريجي

ولن تقتصر الإجراءات على ولاية تكساس، إذ تخطط آبل لتطبيق نفس الضوابط في ولايتي يوتا ولويزيانا خلال العام المقبل، وهو ما يشير إلى احتمال توسع نطاق القوانين المتعلقة بأمان الأطفال في الفضاء الرقمي داخل ولايات أمريكية أخرى، وتأتي هذه التحركات في وقت تسعى فيه شركات التكنولوجيا الكبرى إلى تحسين صورتها العامة بعد الانتقادات المتزايدة بشأن تأثير الأجهزة الذكية على الصحة النفسية والسلوك الاجتماعي للأطفال.

كما أعلنت جوجل بدورها عن تعديلات مشابهة في سياسات متجر Google Play لضمان امتثال التطبيقات لمتطلبات القوانين الجديدة، حيث ستلزم المطورين بتوفير أدوات تحقق إضافية قبل السماح بإنشاء الحسابات أو تحميل المحتوى في تلك الولايات، ويُتوقع أن يسهم التعاون بين جوجل وآبل في صياغة نموذج موحد للتحقق من الأعمار يمكن اعتماده مستقبلًا في باقي الولايات الأمريكية.

ويرى خبراء التقنية أن هذه القرارات تمثل تحولًا كبيرًا في مسؤولية الشركات تجاه المستخدمين القُصّر، إذ لم يعد الأمر يقتصر على التوعية أو النصائح العامة، بل أصبح التحقق الإجباري شرطًا أساسيًا للوصول إلى خدمات الهواتف الذكية، ويعتقد محللون أن هذا التوجه قد يمتد إلى أوروبا خلال السنوات المقبلة، خاصة في ظل ارتفاع القلق المجتمعي من تأثير المحتوى الرقمي على الفئات العمرية الصغيرة.

وتشير هذه التطورات إلى بداية مرحلة جديدة في علاقة الأطفال بالتقنية، حيث لم يعد الاستخدام الحر مقبولًا كما كان في السابق، بل أصبح خاضعًا لقواعد تنظيمية واضحة تسعى لتحقيق توازن بين حرية الوصول إلى التكنولوجيا وضمان الأمان الرقمي للمستخدمين الأصغر سنًا، ومع دخول هذه القوانين حيز التنفيذ، ستكون آبل في مقدمة الشركات التي تحدد مستقبل استخدام الهواتف الذكية للأطفال في العالم الرقمي الحديث.