الذكاء الاصطناعي يغير قواعد رصد الزلازل عالميًا

شهدت مدينة كاليفاتريا بولاية كاليفورنيا الأميركية زلزالًا ضعيفًا بلغت قوته ناقص 0.53 درجة على مقياس ريختر، وهو أضعف من اهتزاز مرور شاحنة في شارع هادئ.

ورغم ذلك تمكن العلماء من رصده بدقة فائقة بفضل أنظمة الذكاء الاصطناعي، التي غيرت طريقة فهم الزلازل وأحدثت تحولًا في علم الزلازل التقليدي.

التتبع الفوري

بحسب تقرير لموقع Ars Technica، أصبح بإمكان الخوارزميات الحديثة اكتشاف الاهتزازات الصغيرة جدًا بشكل آلي وفوري، وهو ما كان يستغرق سابقًا ساعات من العمل اليدوي والتحليل البشري، وكان الاعتماد سابقًا على محللين بشريين يفسرون البيانات القادمة من أجهزة السيسمومترات قبل أن تدخل الخوارزميات التقليدية لتسهم جزئيًا في أتمتة هذه العملية، لكن هذه الخوارزميات كانت عاجزة عن التقاط الزلازل الصغيرة وسط الضجيج اليومي للمدن.

النماذج الحديثة

في عام 2020، طور باحثون من جامعة ستانفورد نموذجًا أطلق عليه Earthquake Transformer، مستندًا إلى تقنيات التعلم العميق المستخدمة في تحليل الصور والأصوات، ويعمل النموذج على فهم الاهتزازات الأرضية وتحليلها عبر الزمن، مميزًا بدقة بين أنواع الموجات الزلزالية P وS، ومحددًا لحظة انطلاقها بدقة متناهية، ما أتاح اكتشاف زلازل كانت تفلت من الرصد التقليدي، ورفع مستوى دقة البيانات العلمية حول نشاط باطن الأرض.

الاكتشافات الجديدة

هذه القفزة التقنية ضاعفت عدد الزلازل المكتشفة حول العالم، وأتاحت للعلماء رسم صورة أوضح لباطن الأرض، وفي عام 2022 استخدم باحثون في هاواي الذكاء الاصطناعي لاكتشاف قناة ماگما خفية تربط بين بركان ماونا لوا ومنطقة باهالا العميقة، وهو كشف أثار جدلًا واسعًا في الأوساط العلمية، ويُظهر قدرات الذكاء الاصطناعي في تحليل البنى الجيولوجية المعقدة التي كان يصعب تحديدها سابقًا.

ورغم هذه الإنجازات، يبقى التنبؤ بالزلازل قبل وقوعها هدفًا بعيد المنال، إلا أن الخبراء يرون أن ما تحقق حتى الآن يمثل بداية مرحلة جديدة، قد تقود مستقبلاً إلى أنظمة إنذار مبكر أكثر دقة وذكاءً، وتحدث نقلة نوعية في فهم الأرض وحماية السكان من الكوارث الطبيعية.

كما يُتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع الدراسات العلمية حول النشاط الزلزالي وتحسين أساليب الوقاية، من خلال دمج البيانات الجغرافية والجيولوجية في خوارزميات متقدمة، ما يمكّن الدول من تحسين خطط الطوارئ والتقليل من المخاطر الناجمة عن الزلازل، ويؤكد العلماء أن التطورات المستمرة في هذا المجال ستوفر أدوات دقيقة لرصد الظواهر الطبيعية بطريقة غير مسبوقة.