مايكروسوفت تعلن استقلالها في الذكاء الاصطناعي بإطلاق نموذج صور جديد

أشعلت شركة «مايكروسوفت» سباق الذكاء الاصطناعي مجددًا بإطلاقها أول نموذج داخلي متخصص في إنتاج الصور الفوتوغرافية اعتمادًا على الأوامر النصية، تحت اسم «MAI-Image-1»، في خطوة تُعدّ بمثابة إعلانٍ رسمي عن دخول الشركة مرحلة جديدة من الاستقلال التكنولوجي بعيدًا عن الاعتماد الكامل على شركائها في هذا المجال، وعلى رأسهم «OpenAI».

دقة وواقعية

ويمثل هذا النموذج الجديد نقلة نوعية في مشروعات «مايكروسوفت» الخاصة بالذكاء الاصطناعي الإبداعي، إذ أكدت الشركة في بيان رسمي أن «MAI-Image-1» يتميز بقدرته الفائقة على إنتاج صور فوتوغرافية واقعية بدقة عالية، مع قدرة استثنائية على معالجة عناصر الإضاءة والظلال والانعكاسات في المشاهد الطبيعية والبشرية. 

وأوضحت أن النموذج يتمتع بسرعة ملحوظة في تنفيذ الأوامر ومعالجة النتائج، متفوقًا على بعض النماذج المنافسة التي تعتمد على تقنيات أكثر تعقيدًا وأكبر حجمًا لكنها أقل كفاءة في الأداء.

وأضافت «مايكروسوفت» أن ما يجعل «MAI-Image-1» مختلفًا هو اعتماده على بنية محدثة لمعالجة الصور تعتمد على تعليم عميق متطور يوازن بين خفة الحجم ودقة النتائج، مما يتيح له التعامل مع ملايين البيانات البصرية في وقت قياسي دون فقدان للجودة أو التفاصيل الدقيقة.

تقييم عالمي

وحظي النموذج الجديد بإشادة دولية واسعة، إذ جرى تصنيفه ضمن أفضل عشرة نماذج ذكاء اصطناعي على منصة «LMArena» العالمية المتخصصة في مقارنة أداء أنظمة إنشاء الصور، وذلك بناءً على تصويت المستخدمين الذين وصفوا نتائجه بأنها الأقرب إلى الصور الحقيقية من حيث جودة التكوين وعمق الألوان وتناسق الإضاءة. 

واعتبرت التقارير التقنية أن هذا الإنجاز يمثل تأكيدًا على دخول «مايكروسوفت» منافسة مباشرة مع شركات مثل «OpenAI» و«Stability AI» و«Midjourney» التي تتصدر حاليًا مشهد الذكاء الاصطناعي الإبداعي.

وتأتي هذه الخطوة في ظل توجه متنامٍ داخل الشركة لتعزيز قدراتها الذاتية في الذكاء الاصطناعي، وهو ما وصفته إدارة «مايكروسوفت» بأنه جزء من «استراتيجية الاكتفاء الداخلي» الهادفة إلى بناء منظومة مستقلة من الحلول الذكية تغطي مجالات الصوت والصورة والمحادثة والتحليل.

رؤية جديدة

ويُعد «MAI-Image-1» ثمرة واضحة لهذه الرؤية، إلى جانب نماذج أخرى أطلقتها الشركة مؤخرًا مثل «MAI-Voice-1 AI» لإنتاج الصوت البشري بدقة متناهية، ومساعد المحادثة «MAI-1-preview» الذي تم دمجه داخل بعض خدمات «مايكروسوفت» السحابية. 

وتؤكد الشركة أن هذه النماذج ليست مجرد إضافات تقنية، بل هي مكونات أساسية في خطة شاملة تهدف إلى جعل منتجاتها أكثر ذكاءً وتفاعلية مع المستخدمين في المستقبل القريب.

وفي سياق متصل، تشير التقارير إلى أن العلاقة بين «مايكروسوفت» و«OpenAI» شهدت تغيرًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة، حيث بدأت الشركة الأمريكية في اختبار نماذج من مطورين آخرين مثل «Anthropic» ضمن بعض خدماتها، بالتوازي مع ضخ استثمارات ضخمة تُقدر بمليارات الدولارات لتطوير نماذجها الداخلية، في مسعى واضح لتقليل الاعتماد على التقنيات الخارجية التي قد تحد من مرونتها واستقلال قراراتها المستقبلية.

وترى أوساط الصناعة أن هذه الخطوات تمثل إعلانًا غير مباشر عن انتقال «مايكروسوفت» من مرحلة الشراكة التقنية إلى مرحلة القيادة الذاتية في تطوير الذكاء الاصطناعي، ما يمنحها قدرة أكبر على التحكم في البيانات والبنية التحتية والأمان، إلى جانب ميزة تنافسية واضحة في الأسواق التي تشهد منافسة شرسة بين الشركات العملاقة.

وفي ختام البيان، شددت «مايكروسوفت» على أن إطلاق نموذج «MAI-Image-1» ليس سوى البداية، مشيرة إلى أن الأشهر المقبلة ستشهد تحسينات متتالية تشمل تطوير واجهات الاستخدام وإضافة أدوات تسمح للمبدعين والمصممين بإنتاج صور احترافية باستخدام اللغة الطبيعية فقط، وهو ما يعكس رؤية الشركة لمستقبل التكنولوجيا الإبداعية القائمة على الدمج بين الذكاء الاصطناعي والفكر البشري.