الأحد، 19 أكتوبر 2025

02:25 م

tru

مليارات من الاحتيال النصّي.. شبكة صينية تغرق أمريكا

الرسائل النصية الاحتيالية

الرسائل النصية الاحتيالية

ياسين عبد العزيز

A A

تتسع ظاهرة الرسائل النصية الاحتيالية في الولايات المتحدة لتتحول إلى تجارة منظمة تدرّ مليارات الدولارات، حيث تتهم تحقيقات رسمية عصابات تعمل من الصين باستهداف الأمريكيين بخدع متقنة، وتُظهر دلائل التحقيق أن العملية باتت تشمل بنية تحتية متطورة تبدأ بمزارع شرائح SIM وتنتهي بشبكات تصيّد ودولارات تُسحب عبر بطاقات هدايا ومشتريات إلكترونية.

موجة متصاعدة

بدأت المشكلة تلفت الانتباه عندما أحصت شركات أمنية وصحفية ارتفاعًا حادًا في عدد الرسائل التي تُرسَل يوميًا، حيث تلقّت قواعد بيانات رصد الرسائل نسبًا قياسية، وبلغت ذروة مؤقتة عند نحو 330 ألف رسالة في يوم واحد كما أفادت تقارير أمنية، مما أعاد تسليط الضوء على التكتيكات التي تستخدمها العصابات لتنفيذ الاحتيال المنهجي.

تفصيلًا، تأتي الرسائل الاحتيالية بأشكال متعددة، فثمة رسالة تُطالب بدفع «رسوم طرق متأخرة»، وأخرى تزعم وجود غرامات بريدية مستحقة أو دين لهيئة مالية محلية، وتخاطب الضحية بلغة رسمية ورنانة لتبدو مقنعة، وتدفع القليلين الذين ينخدعُون إلى إدخال بيانات بطاقاتهم على مواقع تصيّد تبدو شبيهة بالمواقع الرسمية، وبمجرد حصول العصابات على تلك المعلومات تبدأ سلسلة عمليات الشراء والتحويل.

آلية العمل

تكشف التحقيقات أن الشبكة الإجرامية تعتمد على سوق سوداء تربط مزودي الرسائل الإحتيالية بمزارع خوادم ضخمة، حيث تُحشَد آلاف شرائح الاتصال في غرف تُعرف بـ«مزارع الشرائح»، وهذه الشرائح تُستخدم لطرْق أعداد هائلة من الرسائل إلى أرقام أمريكية في وقت واحد، ويتولى عمال مؤقتون في الولايات المتحدة مهمة تفعيل الأجهزة أو تشغيلها مقابل أجر زهيد، بينما تُدار العملية عن بُعد من الخارج عبر تطبيقات تواصل.

تعمل مواقع التصيّد كفخ نهائي، فبعد أن ينقر الضحية على رابط الرسالة يُطلب منه إدخال اسم ورقم البطاقة وحتى كلمة المرور لمرة واحدة، وتُستخدم هذه المعطيات لاحقًا لتحميل بطاقات الائتمان داخل محافظ رقمية مسجّلة في آسيا، أو لشراء بطاقات هدايا تُرسل فعليًا إلى وكلاء في الخارج، وتوضح التفاصيل أن العصابات تدفع لعمال محليين قرابة 12 سنتًا لكل 100 دولار من قيمة بطاقات الهدايا التي يشترونها، وهو هامش ربحٍ واضح للمجرمين عند توسيع العملية على نطاق واسع.

شبكة معقّدة

تكشف شهادات خبراء أمنيين عن وجود عشرات مزارع شرائح تعمل داخل الولايات المتحدة، فقد تم تحديد ما يزيد على 38 مزرعة تضم مئات الصناديق التي تستوعب شرائح SIM، وتنتشر هذه المزارع في مكاتب مشتركة ومنازل مهجورة وورَش تصليح سيارات، ما يدل على قدرة هذه الشبكات على التماهي داخل الفضاء المدني، وتجنيد عمال محليين عبر تطبيقات مثل «WeChat» لتسهيل تشغيل الأجهزة وتفعيلها.

وتُضيف السلاسل الإجرامية طبقات أخرى من الدعم الفني والإرشادات، فالمئات من العمال يتلقون كتيبات ودروسًا تقنية حول كيفية تشغيل نظام الرسائل، كما تُقدّم فرق دعم فني عن بُعد لضمان سير العملية بكفاءة، ما يجعل جهود التعقّب والتوقيف أكثر صعوبة، إذ إن الخلايا الإجرامية موزعة جغرافيًا وتعمل عبر قنوات تشفير وتواصل يصعب تتبعها.

توضح وزارة الأمن الداخلي أن القيمة المالية لهذه الأنشطة تفوق المليار دولار خلال ثلاث سنوات، وهو ما يسلط الضوء على الفجوة بين قدرات أجهزة إنفاذ القانون ومهارة المنظمات الإجرامية العابرة للحدود، كما يشير ارتفاع معدلات الرسائل إلى أن الإجراءات التقنية المتاحة لوقف الرسائل غير المرغوب فيها لم تعد كافية دون تعاون دولي أوسع ومراقبة سوقية لمنصات بيع الشرائح والخوادم.

في ظل هذا المشهد، تبقى مسؤولية المستهلك بالدرجة الأولى، فمعرفة أساليب التصيّد، وتجنّب النقر على روابط مشبوهة تُعد خطوة أولى مهمة، بينما يتطلع المحقّقون إلى مزيد من التعاون الدولي والضربات القانونية لتقطيع أوصال هذه الشبكات، وإلى حلول تقنية لحماية البنية التحتية للاتصالات من استغلال مزودي الشرائح الخاملة.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً