الأربعاء، 29 أكتوبر 2025

01:33 م

tru

مصر تقترب من ريادة إفريقيا في مراكز البيانات باستثمارات 2 مليار دولار

مراكز البيانات

مراكز البيانات

ياسين عبد العزيز

A A

تواصل مصر ترسيخ مكانتها كمركز رقمي محوري في إفريقيا والشرق الأوسط، مدفوعةً بموجة استثمارات ضخمة تجاوزت 2 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية في مجالات مراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية، لتصبح بوابة رئيسية لخدمات الحوسبة السحابية التي تشهد نموًا هائلًا عالميًا. 

هذا التحول الاستراتيجي يعكس رؤية الدولة الطموحة للتحول إلى اقتصاد رقمي شامل قادر على استيعاب التطورات التقنية المتسارعة وتلبية احتياجات المؤسسات والحكومات في المنطقة.

تشير تقارير وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى أن مصر باتت مقصدًا رئيسيًا للشركات العالمية في مجال الاستضافة السحابية، من خلال مشروعات تقودها كيانات كبرى مثل “هواوي” و“مايكروسوفت” و“أورانج بيزنس سيرفيسز”، التي تسعى إلى تعزيز وجودها في السوق المصري. 

وتؤكد هذه الاستثمارات على الثقة المتزايدة في البنية التحتية المحلية، وفي قدرات الدولة على إدارة وتشغيل مراكز بيانات على أعلى المعايير الدولية من حيث الأمان والسرعة والاستدامة.

توطين الحوسبة السحابية

تسعى الحكومة المصرية، من خلال استراتيجية “مصر الرقمية”، إلى توطين خدمات الحوسبة السحابية بشكل شامل، عبر إنشاء مجمعات ضخمة للبيانات في العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة المعرفة. 

ويجري حاليًا تجهيز مركز بيانات وطني بطاقة تشغيلية تصل إلى 50 ميجاوات، ليصبح الأكبر من نوعه في شمال إفريقيا، ويهدف إلى دعم التحول الرقمي في المؤسسات الحكومية وتحسين تجربة المواطنين عبر المنصات الإلكترونية.

ويمثل هذا المشروع خطوة جوهرية في مسار تعزيز السيادة الرقمية لمصر، إذ تسعى الدولة إلى تقليل اعتمادها على المراكز الخارجية في تخزين البيانات الحساسة، وتوفير بيئة أكثر أمانًا وفعالية للتعامل مع المعلومات. 

كما سيتيح المركز الجديد تقديم خدمات متقدمة للشركات الناشئة والمؤسسات الخاصة، مما يسهم في رفع كفاءة البنية الرقمية وخلق فرص عمل جديدة في مجالات تكنولوجيا المعلومات.

استثمارات الكابلات البحرية

لم يكن النجاح المصري في جذب الاستثمارات مقتصرًا على مراكز البيانات فحسب، بل امتد أيضًا إلى مجال الكابلات البحرية، حيث تستفيد البلاد من موقعها الجغرافي الفريد الذي يربط بين ثلاث قارات هي إفريقيا وآسيا وأوروبا. 

وتشير البيانات إلى مرور أكثر من 17 كابلًا بحريًا دوليًا عبر الأراضي والمياه الإقليمية المصرية، مما جعلها واحدة من أهم نقاط الربط في منظومة الإنترنت العالمية.

ووفقًا لتقديرات دولية، فإن نحو 30% من حركة الإنترنت العالمية تمر عبر مصر، ما يمنحها ميزة استراتيجية فريدة تضعها في قلب شبكات الاتصال العالمية، هذا التفوق الجغرافي والتقني جذب العديد من الشركات العالمية لتأسيس مراكز بياناتها الإقليمية في القاهرة والساحل الشمالي، مستفيدة من سرعة الاتصال واستقرار الخدمات.

حلول رقمية مبتكرة

في موازاة الجهود الحكومية، توسعت شركات الاتصالات المحلية مثل “المصرية للاتصالات” و“فودافون مصر” و“اتصالات من &” في إطلاق حلول رقمية مخصصة للشركات الناشئة والجهات الحكومية، تشمل خدمات التخزين السحابي وإدارة البيانات وتحليلها بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي. 

وتأتي هذه المبادرات استجابةً للطلب المتزايد على الخدمات السحابية في المنطقة، والذي يتوقع أن ينمو بمعدل 25% سنويًا حتى عام 2030.

وتشير التوقعات إلى أن حجم سوق مراكز البيانات في مصر قد يتجاوز 3.5 مليار دولار بحلول نهاية العقد، وهو ما يعكس تسارع التحول نحو الاقتصاد الرقمي، خاصة مع تبني المؤسسات للأنظمة الذكية في التشغيل والإدارة. 

ويرى محللون أن مصر تمتلك المقومات اللازمة لتكون مركزًا رقميًا محوريًا لإفريقيا، بفضل بنيتها التحتية القوية وتوافر الكفاءات البشرية المؤهلة في مجالات التقنية الحديثة.

إن التحول الرقمي الذي تشهده مصر اليوم لا يمثل مجرد طفرة في قطاع التكنولوجيا، بل يعبر عن نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني، تؤسس لمرحلة جديدة من النمو المستدام والتنافسية الإقليمية. 

ومع استمرار تدفق الاستثمارات ودعم الدولة لقطاع الاتصالات، يبدو أن القاهرة تمضي بخطى ثابتة نحو أن تكون العاصمة الرقمية الأولى في القارة الإفريقية.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً