شريحة Willow من جوجل تتفوق على أقوى الحواسب الفائقة في العالم

أعلنت شركة جوجل عن إنجاز استثنائي تمثل في تطوير شريحة Willow، التي استطاعت تنفيذ خوارزمية كمّية معقدة تُعرف باسم Quantum Echoes بسرعة تفوق أقوى الحواسب الفائقة التقليدية بنحو 13 ألف مرة، لتصبح هذه التجربة نقطة تحول في مسار تطوير الحوسبة الكمّية نحو التطبيق العملي بعد سنوات من التجارب النظرية.

نقلة نوعية

ويأتي هذا الكشف بعد ست سنوات من إطلاق شريحة Sycamore الشهيرة في عام 2019، والتي شكلت أول إعلان رسمي لجوجل عن دخولها ميدان الحوسبة الكمّية، إلا أن Willow تختلف تمامًا عن سابقتها، فهي لا تكتفي بإثبات القدرة النظرية على تنفيذ العمليات الكمّية فحسب، بل تقدم فوائد عملية ملموسة يمكن توظيفها في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والنمذجة الكيميائية، وأبحاث المواد المتقدمة، وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة Nature العلمية المرموقة.

تعتمد Willow على 105 كيوبتات فائقة التوصيل، تمثل كل واحدة منها ما يشبه "ذرة رقمية" قادرة على تخزين البيانات في أكثر من حالة في الوقت نفسه، وهي خاصية جوهرية في الحوسبة الكمّية تمنحها تفوقًا هائلًا على الحوسبة الكلاسيكية التي تعتمد على البتّات الثنائية فقط.

تصميم فائق الدقة

وتكمن قوة Willow في طريقة تصميمها الفريدة التي تتيح للكيوبتات التشابك الكمّي، مما يسمح بتبادل المعلومات بين الجزيئات في لحظة واحدة تقريبًا، وهو ما يمكّن النظام من معالجة آلاف الاحتمالات المتزامنة في وقت قياسي. 

ولضمان أقصى استقرار ممكن أثناء التشغيل، صممت جوجل الشريحة لتعمل في درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق، أي نحو 273 درجة مئوية تحت الصفر، مما يقلل من أي اهتزازات أو تداخلات حرارية قد تؤثر في دقة النتائج.

ويقول فريق جوجل إن الشريحة الجديدة حققت دقة تشغيل مذهلة بلغت 99.97% للبوابات المفردة و99.88% للبوابات المتشابكة، وهي أرقام تُعد الأعلى في تاريخ التجارب الكمّية حتى الآن. 

كما تمكن Willow من إنتاج نتائج قابلة للتحقق علميًا، في إنجاز وصفه الباحثون بأنه "نقطة اللاعودة" نحو الانتقال من المفهوم النظري إلى التطبيق العملي في علم الحوسبة الكمّية.

خطوة نحو المستقبل

ويؤكد العالم توم أوبراين، أحد قادة فريق البحث في جوجل، أن ما يميز Willow عن أي تجربة سابقة هو قابلية إعادة إنتاج النتائج بدقة متناهية، وهو ما يجعلها خطوة حقيقية باتجاه الحوسبة الكمّية القابلة للاستخدام الصناعي. 

وأضاف أن قدرة النظام على العمل بثبات في بيئة محكمة تجعل منه منصة مثالية لتشغيل الخوارزميات الكمّية واسعة النطاق في المستقبل القريب.

أما الفيزيائي الفرنسي ميشيل ديفوريت، الحائز على جائزة نوبل، فقد وصف هذا التقدم بأنه "دليل على أن الدوائر الكهربائية يمكن أن تتصرف كذرات حقيقية"، مضيفًا أن جوجل أثبتت للمرة الأولى أن هذه الذرات الاصطناعية يمكن أن تؤدي وظائف معقدة تتجاوز حدود الخيال العلمي.

ويرى خبراء التقنية أن هذا التقدم الهائل قد يفتح الباب أمام ثورة جديدة في الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن للحوسبة الكمّية أن تُحدث تحولًا جذريًا في سرعة تحليل البيانات والتنبؤات، إضافة إلى تسريع اكتشاف الأدوية عبر محاكاة التفاعلات الجزيئية المعقدة، فضلًا عن تطوير مواد جديدة للطاقة والتكنولوجيا الفائقة.

ومع هذا الإعلان، يبدو أن جوجل تقترب أكثر من أي وقت مضى من تحويل الحوسبة الكمّية إلى أداة عملية قابلة للاستخدام التجاري والعلمي، لتبدأ بذلك فصلًا جديدًا في تاريخ التقنية الحديثة، قد يعيد تعريف حدود ما يمكن أن تفعله الحواسيب في المستقبل القريب.