الأحد، 02 نوفمبر 2025

05:23 م

tru

إيلون ماسك يمهد لعصر جديد بتأسيس مراكز بيانات فضائية تعتمد على أقمار Starlink V3

SpaceX

SpaceX

ياسين عبد العزيز

A A

أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك أن شركته SpaceX بدأت رسميًا في استكشاف فكرة إنشاء مراكز بيانات في الفضاء المداري، ضمن خطة تهدف إلى تحويل شبكة أقمار Starlink إلى بنية تحتية متكاملة للحوسبة السحابية. 

الإعلان الذي جاء عبر تصريحات مباشرة من ماسك على منصات التواصل الاجتماعي، أعاد إشعال النقاش حول مستقبل البيانات والذكاء الاصطناعي خارج كوكب الأرض، بعدما كانت هذه الأفكار محصورة في الخيال العلمي قبل سنوات قليلة فقط.

بداية الفكرة

الفكرة لم تأتِ من فراغ، بل جاءت استجابةً طبيعية لتصاعد الطلب العالمي على قدرات الحوسبة والذكاء الاصطناعي، والذي دفع كبريات الشركات التقنية إلى البحث عن حلول مبتكرة تتجاوز قيود الكوكب، فبعد أن أبدى كل من جيف بيزوس مؤسس أمازون، وإيريك شميت الرئيس التنفيذي السابق لجوجل، اهتمامهما بإنشاء مراكز بيانات في الفضاء، جاء دور ماسك ليؤكد أن SpaceX ليست مجرد شركة إطلاق صواريخ، بل منصة هندسية قادرة على بناء مستقبل جديد للاتصالات السحابية على مستوى الكوكب.

وأوضح ماسك في منشور أثار ضجة واسعة أن شركته تخطط لاستخدام الجيل الجديد من أقمار Starlink V3، المزودة بروابط ليزرية فائقة السرعة، كأساس لبناء هذه المراكز المدارية. 

وكتب في تغريدة مباشرة: “SpaceX ستقوم بذلك”، في إشارة إلى أن المشروع لم يعد مجرد فكرة نظرية، بل خطة قيد التنفيذ تهدف لتحويل المدار الأرضي إلى مركز بيانات عالمي متصل دائمًا بشبكة الإنترنت.

تحديات التنفيذ

ورغم جاذبية المشروع، فإن الطريق إلى التنفيذ ليس مفروشًا بالنجاح السهل، إذ يرى محللون أن العقبات التقنية والاقتصادية ما زالت ضخمة، فبناء مراكز بيانات في المدار يتطلب حلولًا مبتكرة للتبريد، وإدارة الطاقة، والصيانة، إلى جانب تكلفة الإطلاق والتشغيل الباهظة. 

غير أن ماسك يؤمن بأن الفضاء يوفر ميزة حيوية لا تقدر بثمن، وهي الطاقة الشمسية الوفيرة والمجانية، والتي يمكن أن تُستخدم لتشغيل الأنظمة على مدار الساعة دون انبعاثات أو أضرار بيئية، وهو ما يجعل المشروع أكثر استدامة مقارنة بمراكز البيانات الأرضية التي تستهلك كميات هائلة من الكهرباء والمياه.

ويشير خبراء إلى أن الفكرة قد تمثل ثورة بيئية واقتصادية إذا نجحت، إذ يمكن لمراكز البيانات الفضائية أن تخفف الضغط على البنية التحتية الأرضية، وتفتح الباب أمام نموذج جديد لتخزين ومعالجة البيانات في بيئة خالية من التلوث والقيود. 

ومع ذلك، لا تزال الأسئلة التقنية قائمة حول كيفية تأمين الاتصال المستقر، وضمان حماية البيانات من الإشعاعات الكونية والمخاطر المدارية.

قفزة تقنية

من الناحية التقنية، تمثل أقمار Starlink V3 حجر الأساس لهذا التحول الجريء، فهي قادرة على نقل البيانات بسرعات غير مسبوقة تصل إلى 1 تيرابِت في الثانية لكل قمر، مقارنةً بأقمار Starlink V2 mini الحالية التي لا تتجاوز سرعتها 100 جيجابت في الثانية. 

ويعد هذا الفارق الضخم في السعة مؤشراً على نية SpaceX تحويل منظومتها من مجرد مشروع لتوفير الإنترنت إلى شبكة عالمية قادرة على دعم أنظمة الذكاء الاصطناعي والمعالجة السحابية بشكل مباشر.

وللمقارنة، فإن تطوير قمر Viasat-3 من شركة بوينغ، الذي يوفر سعة مشابهة، استغرق قرابة عشر سنوات وكلف مئات الملايين من الدولارات، في حين تخطط SpaceX لإطلاق 60 قمرًا من طراز V3 في كل رحلة واحدة باستخدام مركبة Starship بحلول عام 2026. 

هذه الوتيرة المذهلة، بحسب المحلل الفضائي كالب هنري من شركة Quilty Space، تمثل “مستوى من الكثافة الإنتاجية لم يسبق له مثيل في صناعة الأقمار الصناعية”، مشيرًا إلى أن “لا شيء في السوق يقترب حتى من هذا المعدل في الأداء والابتكار”.

ولا تُعد هذه المرة الأولى التي يحوّل فيها ماسك فكرة طموحة إلى واقع، فقد واجه مشروع Starlink ذاته شكوكًا واسعة عند انطلاقه، قبل أن يصبح اليوم واحدًا من أنجح أنظمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، موفرًا الخدمة لملايين المستخدمين في عشرات الدول.

وبالنظر إلى سجل SpaceX في تنفيذ مشاريعها العملاقة، لا يبدو أن فكرة مراكز البيانات المدارية بعيدة المنال، بل قد تتحول خلال الأعوام القليلة المقبلة إلى خطوة ثورية تعيد تعريف مفهوم “السحابة الرقمية”. 

وإذا استطاع ماسك تكرار فلسفة الدمج بين الابتكار الهندسي والتخفيض الاقتصادي التي اشتهرت بها SpaceX، فإن العالم قد يشهد قريبًا ولادة أول “سحابة فضائية” تدور حول الأرض، وتغيّر مستقبل البيانات كما نعرفه اليوم.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً