سباق الواقع الممتد يحتدم بين سامسونج وآبل في معركة النظارات الذكية المتطورة

في خطوةٍ جديدة تُعيد رسم ملامح المنافسة في عالم التكنولوجيا، دخلت سامسونج رسميًا ميدان الواقع الممتد بإطلاق نظارتها الذكية Galaxy XR، لتقف وجهًا لوجه أمام Apple Vision Pro التي تُعدّ حتى الآن إحدى أبرز أدوات الحوسبة المكانية وأكثرها تطورًا. 

وبينما يمثل هذا الإطلاق بداية فصل جديد في تاريخ الواقع الافتراضي والمعزز، يبدو أن كلا العملاقين يتخذان مسارات مختلفة نحو هدفٍ واحد: خلق تجربة رقمية تتجاوز حدود الشاشة إلى عالمٍ تفاعلي شامل.

قوة المعالجات

أعلنت سامسونج في نهاية عام 2024 عن نيتها دخول سوق النظارات الذكية، وكشفت تدريجيًا عن تصميم جهازها الذي يجمع بين البساطة وخفة الوزن والراحة أثناء الاستخدام الطويل. 

وبدعم من شريكتيها جوجل وكوالكوم، جاءت Galaxy XR مزودة بشريحة Snapdragon XR2 Plus Gen 2، وهي واحدة من أقوى الشرائح المخصصة لتقنيات الواقع الممتد، وتتيح للنظارة تقديم أداء بصري غامر وتجارب ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز والمختلط.

وفي المقابل، رفعت آبل سقف المنافسة مع إطلاق الجيل الجديد من Vision Pro المزودة بمعالج Apple M5 الذي تفوق قوته أداء الجيل السابق بمقدار الضعف في مهام الذكاء الاصطناعي ومعالجة الرسوميات. 

وتؤكد آبل أن هذه الشريحة الجديدة تجعل النظارة قادرة على تشغيل نظام visionOS بفاعلية مذهلة، مما يمنح المستخدم تجربة واقعية أقرب ما تكون إلى الحقيقة بفضل الدقة العالية وسرعة الاستجابة.

أنظمة التشغيل

ما يميز Galaxy XR أنها أول نظارة في العالم تعمل بنظام التشغيل Android XR من جوجل، وهو نظام صُمم خصيصًا لعالم الواقع الممتد، ويجمع بين تقنيات المساعد الذكي Gemini وقدرته على فهم البيئة المحيطة لتوفير تفاعل طبيعي وسلس مع المستخدم.

 ووفرت جوجل في هذا النظام نسخًا معدّلة من تطبيقاتها الشهيرة مثل يوتيوب وخرائط جوجل وGoogle TV ومتصفح كروم، إلى جانب متجر Google Play الذي يضم تطبيقات وألعاب مخصصة لهذا الجيل الجديد من الأجهزة.

أما آبل، فاستثمرت خبرتها الطويلة في أنظمة التشغيل عبر تطوير نظام VisionOS المبني على أسس macOS وiOS وiPadOS، ليتيح الوصول إلى متجر تطبيقات متكامل يحتوي على برمجيات مصممة خصيصًا لتجربة الواقع الافتراضي. 

كما يتيح النظام توافقًا مع عدد من تطبيقات آيفون وآيباد، ما يمنح المستخدم بيئة عمل مألوفة وسلسة ضمن تجربة جديدة كليًا.

التصميم والراحة

يُعدّ التصميم أحد أهم محاور المقارنة بين النظارتين، إذ ركزت سامسونج على خفة الوزن والراحة أثناء الاستخدام، فجاءت نظارة Galaxy XR بوزن يقارب 545 جرامًا دون البطارية الخارجية، وهو رقم أقل بكثير من نظارة Vision Pro التي يصل وزنها إلى نحو 800 جرام تبعًا للحزام وعازل الضوء المستخدم، وتؤدي هذه الفوارق إلى اختلاف واضح في راحة الاستخدام، إذ يشعر مستخدم نظارة آبل بالإجهاد بشكل أسرع نسبيًا.

في المقابل، توفر آبل خيارات متنوعة للأحزمة والملحقات لتخصيص التجربة حسب تفضيل المستخدم، بينما تعتمد سامسونج على التصميم الهندسي لتحقيق التوازن بين الوزن والخفة والمتانة، وكلا النظارتين تستخدمان بطاريات خارجية لتخفيف الوزن المباشر على الرأس.

الصوت والبطارية

تُقدّم Apple Vision Pro تجربة صوتية فريدة عبر مكبرات مزدوجة قرب الأذن تُنتج صوتًا مكانيًا محيطيًا يأتي من جميع الاتجاهات، مع دعمٍ كامل لتقنيات AirPods Pro 3 وAirPods 4. 

أما Galaxy XR فلا تدعم الصوت المكاني رسميًا، لكنها توفر تجربة صوتية غامرة تُحاكي البيئة الرقمية المحيطة بالمستخدم.

وعلى صعيد البطارية، تتفوق نظارة آبل نسبيًا بتوفير ثلاث ساعات من تشغيل الفيديو مقابل ساعتين ونصف فقط في نظارة سامسونج، إلا أن كلا الجهازين يعتمدان على بطاريات خارجية تتيح تصميمًا أكثر راحة ومرونة أثناء الاستخدام.

السعر والتوافر

من حيث الأسعار، تتجه سامسونج إلى تقديم خيار أكثر واقعية، حيث تُباع Galaxy XR بسعر يبدأ من 1800 دولار في كل من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، في حين يبدأ سعر Apple Vision Pro من 3499 دولارًا، ما يجعلها منتجًا موجهًا لفئة المستخدمين المحترفين أو عشاق التكنولوجيا الفائقة، وتتميز آبل بتوفر نظارتها في أسواق أوسع تشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا.

رؤية المستقبل

تبدو Galaxy XR بداية طموحة لعهدٍ جديد من أجهزة سامسونج، خصوصًا أنها تمثل ثمرة تعاون بين ثلاث قوى تكنولوجية كبرى: سامسونج وجوجل وكوالكوم، ويُتوقع أن تشهد الأجيال القادمة من هذه النظارة تحسينات كبيرة على مستوى الأداء والتفاعل الذكي. 

وفي المقابل، تواصل آبل ترسيخ موقعها الرائد عبر تقديم تجربة راقية تدمج بين العتاد القوي والنظام البرمجي المتكامل.

وفي نهاية المطاف، تتجسد المنافسة بين النظارتين في رؤية أوسع لمستقبل التكنولوجيا، حيث تتحول النظارات الذكية إلى بوابة جديدة لعصرٍ رقمي يدمج بين العالمين الواقعي والافتراضي، ويمنح المستخدم تجربة أكثر عمقًا وتفاعلية من أي وقتٍ مضى.