سوني تطور نظام تحقق ذكي لمواجهة التزييف العميق وكشف مقاطع الفيديو المزيفة

في ظل تصاعد ظاهرة التزييف العميق التي باتت تهدد مصداقية المحتوى المرئي على الإنترنت، أعلنت شركة سوني عن خطوة جديدة تُضاف إلى سجلها التقني الحافل، إذ طورت نظامًا مبتكرًا يهدف إلى كشف مقاطع الفيديو المزيفة التي تم إنشاؤها عبر أدوات الذكاء الاصطناعي مثل Veo 3 وSora، وهي خطوة تأتي في وقت حساس يشهد فيه العالم تضخمًا في عدد الفيديوهات المفبركة التي تُستخدم في التضليل الإعلامي والاحتيال الرقمي.

خطر التزييف

مع التطور المذهل في قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، أصبح بإمكان أي شخص تقريبًا إنشاء مقاطع فيديو واقعية للغاية، يصعب على العين المجردة التمييز بينها وبين المشاهد الحقيقية، وهو ما فتح الباب أمام المحتالين لاستغلال هذه التقنيات في خداع المستخدمين ونشر مقاطع مزيفة تهدف إلى جني المال أو التأثير على الرأي العام، وقد دفع هذا التهديد شركات التكنولوجيا الكبرى إلى تكثيف جهودها لتطوير أدوات فعالة لمواجهة هذا النوع من المحتوى الخطير.

وفي هذا السياق، أعلنت سوني انضمامها رسميًا إلى هذه الجهود العالمية، عبر تطوير نظام متكامل للتحقق من صحة مقاطع الفيديو، يعمل على ضمان أصالة المحتوى المصوّر بالكاميرات التابعة لها، ما يمنح المستخدمين، وخاصة المؤسسات الإعلامية والصحفية، ثقة مضاعفة بأن اللقطات التي يلتقطونها لا يمكن التلاعب بها أو التشكيك في مصدرها.

تقنية متقدمة

يعتمد النظام الجديد الذي كشفت عنه سوني على معيار C2PA، وهو اختصار لتحالف منشأ المحتوى وأصالته (Content Authenticity and Provenance Alliance)، وهو معيار تقني معتمد عالميًا يهدف إلى تحديد مصدر المواد الرقمية والتحقق من سلامتها عبر توقيعات رقمية مدمجة داخل ملفات الفيديو. 

وتضيف سوني إلى هذا المعيار تقنيات كشف العمق ثلاثي الأبعاد، القادرة على تحليل المشهد بدقة لتحديد ما إذا كانت العناصر الظاهرة حقيقية أم مولدة بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وبهذه الطريقة، يمكن للنظام اكتشاف الخدع البصرية التي يصعب على العين البشرية إدراكها، لاسيما في مقاطع الفيديو المصنوعة بإتقان، فبينما تبدو بعض الفيديوهات واقعية بشكل كامل، يمكن لتقنية سوني أن ترصد التناقضات الميكروية في الإضاءة أو الظلال أو انعكاسات الضوء، لتكشف في النهاية ما إذا كان المحتوى حقيقيًا أم مصطنعًا.

خدمة احترافية

أوضحت سوني أن هذه التقنية ليست مجانية، إذ تتطلب شراء رخصة استخدام وبرنامج مخصص لتفعيل ميزة التحقق الرقمي على الكاميرات الاحترافية، وتستهدف الشركة بهذه الخدمة المؤسسات الإعلامية، وغرف الأخبار، والوكالات الصحفية، التي تحتاج إلى ضمان مصداقية المواد التي تبثها، خاصة في عصر تنتشر فيه المقاطع المزيفة بسرعة هائلة على منصات التواصل الاجتماعي.

ويتيح البرنامج للمؤسسات تركيب أداة رقمية داخل الكاميرا تقوم تلقائيًا بإضافة توقيع رقمي مشفر وبيانات وصفية لكل مقطع مصور، بحيث يمكن تتبع مصدر الفيديو والتحقق من أصالته عند الحاجة. 

وبهذا، إذا انتشرت مزاعم بأن الفيديو مزيف أو تم إنشاؤه عبر الذكاء الاصطناعي، يمكن ببساطة التحقق من التوقيع الرقمي لإثبات أنه مقطع حقيقي تم التقاطه بواسطة كاميرا سوني الأصلية.

تؤكد الشركة أن نظامها الجديد يمثل بداية عهد جديد من أمن المحتوى المرئي، وأنها تعمل حاليًا على توسيع نطاق الدعم ليشمل طُرزًا إضافية من الكاميرات، بما في ذلك الكاميرات عديمة المرآة والنماذج الاحترافية، على أن يُطرح النظام بشكل موسع خلال عام 2026.

ومن المثير للاهتمام أن سوني، التي تعد من أبرز مزودي كاميرات الهواتف الذكية حول العالم، تلمّح إلى إمكانية دمج هذه الميزة مستقبلًا في سلسلة هواتف Sony Xperia، ما يعني أن المستخدم العادي قد يتمكن قريبًا من توثيق مقاطع الفيديو الخاصة به بنفس مستوى الأمان الذي تتمتع به المؤسسات الإعلامية الكبرى.

بهذا التحرك، تسعى سوني إلى ترسيخ مكانتها كمحور أساسي في معركة العالم ضد التزييف العميق، واضعة نصب أعينها هدفًا واضحًا يتمثل في إعادة الثقة إلى المحتوى المرئي، وحماية المستخدمين من التضليل والخداع البصري الذي بات يهدد مصداقية المشهد الإعلامي الرقمي بأكمله.