فواتير مزيفة بالذكاء الاصطناعي تهدد الشركات وتزيد خسائرها المالية المستمرة

تشهد الشركات العالمية موجة متصاعدة من الفواتير المزيفة التي تُنشأ باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما جعل عمليات الاحتيال أكثر سهولة وإقناعًا من أي وقت مضى، وبدلاً من اللجوء إلى محترفي التزوير كما كان يحدث سابقًا، بات بإمكان أي شخص توليد وثيقة مالية تبدو حقيقية خلال ثوانٍ فقط عبر كتابة جملة نصية قصيرة، مثل: "أنشئ فاتورة نفقات سفر واقعية لشركة تقنية"، مما يزيد من صعوبة التحقق من صحة هذه الفواتير.

أدوات متاحة

وتشير التقارير الحديثة إلى أن انتشار هذه الفواتير المزيفة تسارع بشكل كبير منذ إطلاق شركة OpenAI نموذجها المتطور لإنتاج الصور في مارس الماضي، وأوضحت الشركة أن كل صورة تنتج عبر أنظمتها تحتوي على بيانات تعريفية رقمية تظهر مصدرها من ChatGPT، ومع ذلك، فإن إمكانية حذف هذه البيانات أو التلاعب بها عبر أدوات متاحة على الإنترنت جعلت التتبع أصعب بكثير، ما يمثل تهديدًا جديدًا للشركات التي تعتمد على المصادقة الرقمية التقليدية للتحقق من صحة المستندات.

فواتير واقعية

وأظهرت عمليات تحليل الفواتير المزيفة أن بعضها يبدو واقعيًا للغاية، بحيث يصعب التفريق بينه وبين الفواتير الأصلية، إذ يحتوي على تفاصيل دقيقة تشمل تجاعيد الورق الطبيعية، وتوقيعات رقمية مطابقة للأصل، وتنسيقات بنود مالية معقدة. 

وأظهرت التقارير أن بعض الشركات في أوروبا تكبدت خسائر تجاوزت 3 ملايين يورو خلال الأشهر الماضية نتيجة تمرير فواتير مزيفة قبل اكتشافها، ما يسلط الضوء على الحاجة الماسة لتطوير أدوات تحقق أكثر تطورًا للكشف عن هذا النوع من الاحتيال المتقدم.

أنظمة مضادة

استجابة لهذا التهديد، بدأت شركات كبرى مثل SAP وIBM وOracle في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي مضادة، قادرة على تحليل الصور وفحص البيانات الوصفية المرتبطة بها للكشف عن أي علامات تلاعب أو تزوير، وتشير دراسة حديثة أجرتها SAP في يوليو الماضي إلى أن 70% من المديرين الماليين يعتقدون أن موظفين في شركاتهم حاولوا بالفعل تقديم فواتير مزيفة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، فيما أقر 10% منهم بحدوث حالات مؤكدة داخل مؤسساتهم.

ويؤكد خبراء مكافحة الاحتيال أن التحدي الأكبر في السنوات المقبلة لن يقتصر على منع التزوير فحسب، بل يشمل تطوير أدوات قادرة على تمييز "الزيف الذكي" الناتج عن خوارزميات لا تُخطئ في التفاصيل، مما يجعل الاستثمار في حلول تحليلية متقدمة ضرورة استراتيجية للشركات التي ترغب في حماية نفسها من الخسائر المالية الكبيرة والمخاطر القانونية المرتبطة بهذه الفواتير.

ويحذر المختصون من أن الفواتير المزيفة بالذكاء الاصطناعي قد تتطور لتشمل عقودًا ومستندات مالية أخرى، وهو ما يعني أن أي شركة تعتمد على العمليات اليدوية أو التحقق التقليدي ستكون عرضة لمخاطر متزايدة، مشددين على أهمية اعتماد تدابير حماية شاملة تشمل التدريب الداخلي للموظفين، وتطبيق أنظمة مراقبة ذكية، وتعزيز الحوكمة المالية لضمان الحد من عمليات الاحتيال المستقبلية.