OpenAI تعيد صياغة تجربة Sora وتبدأ اختبار نموذج الربح القائم على الذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة OpenAI عن إدخال تعديل جوهري على تطبيقها الخاص بإنتاج الفيديوهات Sora، الذي يعتمد على تحويل النصوص إلى مقاطع مرئية واقعية عبر الذكاء الاصطناعي. 

وبموجب السياسة الجديدة، سيُسمح للمستخدمين الذين تجاوزوا الحد المجاني اليومي بشراء استخدام إضافي مدفوع، بينما تستعد الشركة لتقليص الحصة المجانية تدريجيًا في إطار خطتها لإدارة النمو وتغطية التكاليف التشغيلية الضخمة التي تصاحب توسع الخدمة.

موارد إضافية

يرتبط هذا القرار بتزايد الإقبال الكبير على أداة Sora منذ إطلاقها التجريبي، إذ تجاوز عدد الفيديوهات المنتجة يوميًا التوقعات المبدئية التي وضعتها الشركة، لتجد OpenAI نفسها أمام تحدٍ اقتصادي حقيقي يهدد استدامة نموذج الاستخدام المجاني بالكامل، ففي البداية، سمحت الشركة بإنشاء ما يصل إلى 30 فيديو مجانيًا يوميًا للمستخدم الواحد، معتبرة أن هذا الرقم كافٍ لمعظم المبدعين، لكن البيانات الفعلية أظهرت أن عددًا متزايدًا من المستخدمين يعتمدون على الأداة بشكل مكثف في أعمالهم الإبداعية والتجارية، ما جعل الحاجة إلى نظام مدفوع أمرًا حتميًا.

وبموجب النموذج الجديد، سيتمكن المستخدمون من شراء باقات استخدام إضافية تتيح لهم الوصول إلى موارد أكبر من الطاقة الحسابية والخوادم السحابية، مما يوفر مرونة أعلى لصناع المحتوى المحترفين الذين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي في إنتاج الفيديوهات القصيرة والإعلانات والعروض التعليمية.

رسوم رمزية

التحول الجديد لا يقتصر على الرسوم العامة، إذ تخطط OpenAI أيضًا لتجربة نظام حقوق الاستخدام المدفوع للشخصيات الرمزية التي تظهر داخل المقاطع التوليدية، فوفقًا للمعلومات التي أعلنتها الشركة، سيتاح لمالكي حقوق الصور أو الأسماء العامة فرض رسوم إضافية على استخدام رموزهم داخل الفيديوهات المنشأة عبر Sora، في خطوة قد تفتح بابًا جديدًا لتحقيق الربح للمبدعين والعلامات التجارية. 

ويُتوقع أن يبدأ اختبار هذا النموذج مع مجموعة محدودة من المستخدمين خلال المرحلة التجريبية القادمة، قبل تعميمه عالميًا في وقت لاحق.

كما أوضحت OpenAI أن هذه التغييرات ستُطبق بشكل تدريجي ومدروس، مع التزام كامل بالشفافية في إبلاغ المستخدمين مسبقًا عن أي تحديثات في سياسات الاستخدام أو التسعير، مؤكدة أن الهدف النهائي هو ضمان استمرار الخدمة بجودة عالية مع الحفاظ على توازنها المالي والتقني.

توازن ذكي

تصف الشركة هذه الخطوة بأنها محاولة لتحقيق توازن بين الابتكار والاستدامة، إذ تسعى إلى تطوير أدواتها بما يلبي الطلب المتزايد على الفيديوهات التوليدية دون أن تتحول الخدمة إلى عبء مالي يحدّ من توسعها. 

وأكدت أن نموذج التسعير الجديد سيسمح لها بالاستثمار في تحسين خوارزميات Sora وتوسيع قدراتها في فهم اللغة البصرية، إلى جانب تحسين سرعة معالجة المشاهد ودقتها.

وفي سياق متصل، تشير تحليلات سوق التقنية إلى أن مجال إنشاء الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي يشهد طفرة غير مسبوقة خلال العامين الأخيرين، مع دخول كبرى الشركات مثل جوجل وميتا وأمازون هذا المضمار، في محاولة لدمج النصوص والصور والفيديوهات ضمن منظومة واحدة أكثر تكاملًا. 

وتُعد OpenAI اليوم من أبرز اللاعبين في هذا المجال، خاصة بعد نجاح أدواتها السابقة DALL·E في الصور وChatGPT في النصوص، لتكمل Sora هذه السلسلة عبر تقديم جيل جديد من المحتوى البصري التفاعلي.

طلب متزايد

ويأتي قرار الشركة بالتوسع في خطط التسعير بعد الارتفاع المستمر في الطلب على المحتوى البصري السريع، سواء في الإعلام أو التسويق الرقمي أو التعليم، حيث تبحث المؤسسات عن حلول فعّالة لتقليل تكلفة الإنتاج وتسريع عمليات النشر. 

ومع تزايد أعداد المستخدمين، واجهت OpenAI تحديات تشغيلية كبيرة تتعلق بقدرة الخوادم وتكلفة الطاقة الحسابية المرتفعة، ما دفعها إلى اعتماد نموذج الاشتراك المدفوع الجزئي للحفاظ على جودة الخدمة دون تقليص الابتكار.

ويرى خبراء الصناعة أن هذا التوجه يعكس نضوج مرحلة الذكاء الاصطناعي التجاري، إذ بدأت الشركات الرائدة في الانتقال من التجارب المجانية المفتوحة إلى نماذج اقتصادية أكثر توازنًا تضمن الاستمرارية وتحقق عوائد مالية تعزز من تطوير التقنيات المستقبلية.

في النهاية، يبدو أن OpenAI تمضي بثقة نحو بناء نظام ذكي يوازن بين حرية الابتكار وضرورة التمويل، لتفتح من خلال Sora فصلًا جديدًا في العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والإنتاج الإبداعي، حيث لم يعد الذكاء الاصطناعي مجانيًا كما كان، بل أصبح موردًا رقميًا يُقاس بقيمته وتأثيره في عالم متسارع الإيقاع.