دراسة جديدة تكشف حدود الذكاء الاصطناعي في كشف الكذب البشري بدقة

كشف باحثون عن نتائج جديدة حول قدرة الذكاء الاصطناعي على التمييز بين الصدق والكذب لدى البشر، مشيرين إلى أن هذه الأنظمة ما تزال غير موثوقة بدرجة كافية، رغم إمكانياتها المتطورة، فقد أظهرت التجارب أن أداء نماذج الذكاء الاصطناعي كان متقلبًا بشكل واضح، مع ميل طبيعي لاعتبار معظم العبارات كاذبة، ما يحدّ من قابليتها للاعتماد العملي في مجال تقييم الصدق.

تجربة شاملة

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعة ولاية ميشيغان وجامعة أوكلاهوما، ونُشرت في مجلة Journal of Communication، حيث أُجريت 12 تجربة شملت أكثر من 19 ألف نموذج ذكاء اصطناعي، بهدف تقييم مدى قدرتها على التمييز بين تصريحات صادقة وأخرى كاذبة لأشخاص حقيقيين، باستخدام مقاطع صوتية ومرئية متنوعة. 

وأوضح الباحث David Markowitz، قائد الفريق البحثي، أن الهدف يكمن في فهم مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على المساعدة في كشف الخداع مع التنبيه إلى ضرورة عدم الاعتماد عليه قبل التحقق من موثوقيته.

نتائج متباينة

أظهرت النتائج تفاوتًا كبيرًا بين السياقات، ففي بعض التجارب تمكن الذكاء الاصطناعي من كشف الكذب بدقة تصل إلى 85.8%، مقارنة بدقة منخفضة للكشف عن الصدق بلغت 19.5%، بينما اقترب أداؤه في مواقف غير رسمية، مثل تقييم تصريحات عن الأصدقاء، من مستوى البشر. 

وبشكل عام، تبين أن النماذج تميل إلى افتراض الكذب في معظم الحالات، ما يعكس انحيازًا طبيعيًا نحو عدم الثقة، ويؤكد أن الذكاء الاصطناعي لا يمتلك الحس العاطفي أو الفهم السياقي الذي يتمتع به البشر لتقييم مصداقية الكلام.

تحذيرات عملية

تشير الدراسة إلى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في كشف الكذب، رغم جاذبيته التقنية، لا يزال محفوفًا بالمخاطر، إذ لا يمكن اعتباره أداة دقيقة وموثوقة بشكل مطلق. 

وأوضح Markowitz أن الرغبة في استخدام هذه الأنظمة كبيرة، لأنها تبدو حيادية وغير متحيزة، لكن الواقع يظهر أنها بعيدة عن تحقيق مستوى الأداء البشري، وهناك حاجة ماسة لإجراء تحسينات كبيرة على الخوارزميات قبل التفكير في تطبيقها في السياقات العملية مثل التحقيقات أو المقابلات الرسمية.

يؤكد الباحثون أن الدراسة توفر قاعدة مهمة لفهم نقاط القوة والقيود الحالية للذكاء الاصطناعي في هذا المجال، وتفتح الباب أمام تطوير نماذج أكثر دقة، قادرة على دمج الفهم السياقي والتحليل العاطفي، مما قد يحسّن قدرتها على تقييم مصداقية الإنسان في المستقبل، لكنها تظل بعيدة عن أن تكون بديلاً عمليًا عن الحكم البشري في الوقت الحالي.