مصر تبني مهارات المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي

شهدت فعاليات Cairo ICT 2025 واحدة من أكثر الجلسات الحوارية عمقًا وتأثيرًا، بعدما اجتمع نخبة من خبراء التعليم والتكنولوجيا لبحث الفجوة المتسعة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل في ظل التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي، حيث أتاح النقاش فرصة نادرة لاستشراف مستقبل المهارات المطلوبة، وكيف يمكن لمؤسسات التعليم مواكبة التحولات السريعة التي تعيد تشكيل بيئة العمل عالميًا. 

وجاءت الجلسة تحت عنوان "رأسمال الذكاء: أزمة وفرص فجوة المهارات في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات"، ليقودها عاصم جلال، الشريك الإداري في جلال آند كاراني مانجمنت كونسالتنج، الذي طرح أسئلة محورية حول نوعية القدرات التي ينبغي للجيل الحالي اكتسابها لضمان النجاح في سوق يزداد تنافسية وتعقيدًا.

التحديات التعليمية

أكد الدكتور أحمد ضاهر، نائب وزير التربية والتعليم، أن الفجوة بين مقررات التعليم والواقع العملي ليست وليدة اللحظة، بل تزداد عمقًا مع كل طفرة تقنية جديدة تغير طبيعة الوظائف، موضحًا أن سرعة التحول في سوق العمل تضع المؤسسات التعليمية أمام تحديات ضخمة تتطلب إعادة تصميم المناهج بما يسمح للطلاب باكتساب مهارات عملية تصلح ليومهم الأول في العمل. 

وأشار إلى أن الشركات باتت تطالب بخريج جاهز للإنتاج دون فترة تهيئة طويلة، مما يفرض تبني نماذج تعليمية أكثر مرونة وربطًا بالاحتياجات الواقعية، مع التركيز على التدريب التطبيقي الذي يختصر المسافات بين الدراسة والممارسة.

المهارات الأساسية

واتساقًا مع هذا الطرح، أوضح تيري موباكس، المؤسس المشارك لشركة كومباس، أن التعليم التقليدي لم يعد كافيًا لمواجهة ما يفرضه الذكاء الاصطناعي من تغيرات، مؤكدًا أن الجيل الجديد بحاجة إلى مزيج من الإبداع، والقدرة على التواصل الفعال، والمهارات التحليلية التي تساعد على فهم البيانات واتخاذ القرارات السليمة. 

وفي الاتجاه نفسه، دعا عمرو عبد الرحمن، الرئيس التنفيذي لشركة نكست تكنولوجي ديفلوبمنت، الشباب إلى تحديد هويتهم المهنية بوضوح، والعمل على أن يكونوا مساهمين في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لا مجرد مستخدمين لها، موضحًا أن قيمة الفرد في سوق العمل ترتفع كلما زادت قدرته على تقديم حلول ملموسة. 

بينما شدد بارت ستيوارت، المدير الإداري في WSP Engineering، على أهمية التكيف والمرونة وفهم الصورة الكاملة للتكنولوجيا بدلًا من التركيز على جزء واحد منها، معتبرًا أن المهارات المتكاملة أصبحت شرطًا أساسيًا للاستمرار في سوق يتغير كل يوم.

فرص المستقبل

ورغم الاتفاق على حجم التحديات، فقد تباينت رؤى الخبراء بشأن مستقبل الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بقدرته على خلق فرص جديدة بالتوازي مع إلغاء وظائف تقليدية. 

وأكد الدكتور أحمد ضاهر أن التسارع التقني يشكل ضغطًا كبيرًا على منظومة التعليم، بينما رأى عمرو المشهراوي، الرئيس التنفيذي لشركة DCP، أن مصر تمتلك فرصة استثنائية إذا ركزت على بناء قدرات بشرية مؤهلة عبر إطار وطني موحد يبدأ من المراحل المبكرة، ويعتمد على التدريب العملي داخل المؤسسات. 

وأشار إلى أن ربط الطلاب ببيئة العمل مبكرًا يقلص الفجوة بين المعرفة النظرية والواقع، ويمنح مصر فرصة حقيقية لتشكيل جيل قادر على المنافسة عالميًا. 

وفي ختام الجلسة، شدد عاصم جلال على أن الفضول، والتفكير النقدي، وحل المشكلات، تمثل عناصر أساسية يجب على الشباب تنميتها لضمان مكانهم في عالم يقوده الذكاء الاصطناعي ويعيد تشكيل المهارات بوتيرة غير مسبوقة.

وينعقد معرض ومؤتمر Cairo ICT 2025 في نسخته التاسعة والعشرين خلال الفترة من 16 إلى 19 نوفمبر، تحت رعاية وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، وبمشاركة أكثر من 500 عارض من كبرى الجهات الحكومية والخاصة، وذلك تحت شعار "AI Everywhere" الذي يعكس التركيز المركزي على الذكاء الاصطناعي خلال هذا العام. 

ويجمع الحدث خمس فعاليات كبرى تشمل PAFIX للمدفوعات الرقمية، وAIDC للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وConnecta للشباب وتكنولوجيا الترفيه، وInnovation Arena، وCyber Zone للأمن السيبراني، مع تنظيم عدد من الفعاليات للمرة الأولى في موقعين داخل المعرض.

كما يشارك في الحدث مؤسسات كبرى تشمل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والبنك المركزي المصري، والهيئة العامة للرقابة المالية، والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات NTRA، وهيئة ITEDA، والبريد المصري، والهيئة العربية للتصنيع، إضافة إلى مشاركة جهاز مستقبل مصر كضيف شرف لهذه الدورة. 

وتتضمن الفعاليات جلسات تفاعلية وعروضًا تطبيقية تسلط الضوء على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والجيل الخامس، وإنترنت الأشياء، والأمن السيبراني، والمدن الذكية، والتكنولوجيا المالية، والتعليم الرقمي، والهوية الرقمية eKYC، والحوسبة السحابية، والتقنيات الخضراء.

ويقام مؤتمر Cairo ICT 2025 برعاية شركات رائدة تشمل دل تكنولوجيز، ومجموعة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، وWB Engineers+Consultants، والبنك التجاري الدولي CIB، وشركة هواوي، وأورنچ مصر، ومصر للطيران، إضافة إلى رعاية إيجيبت تراست، وماستركارد، وشركة ميدار، وشركة فورتينت، وغيرها من المؤسسات والشركات المشاركة في دعم هذا الحدث التكنولوجي الأكبر في المنطقة.