خبراء البنوك والتكنولوجيا يضعون خريطة جديدة لمستقبل القطاع المالي في عصر الذكاء الاصطناعي

شهدت فعاليات مؤتمر PAFIX 2025 نقاشًا موسعًا حول كيفية إعادة تشكيل بنية القطاع المالي في مصر والعالم، وذلك في ظل الموجة الثورية للذكاء الاصطناعي التي باتت تعيد صياغة أدوات التمويل وآليات تقييم المخاطر وتجربة العملاء. 

وجاءت الجلسة الحوارية تحت عنوان «كود أحمر أم كود ذهبي؟ كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الـDNA المالي»، ليقود الحوار الإعلامي أسامة كمال، حيث طرح أسئلة جوهرية حول التعامل الحكيم مع هذه التكنولوجيا المتسارعة وضمان الاستفادة القصوى من إمكاناتها دون التفريط في عناصر الأمان والثقة والاستقرار.

الطفرة الرقمية

استعرض أيمن حسين، وكيل أول محافظ البنك المركزي لتكنولوجيا المعلومات، ملامح التحول الرقمي الذي تشهده مصر خلال الأعوام الأخيرة، مؤكدًا أن المعاملات المالية الرقمية تجاوزت 12 تريليون جنيه سنويًا عبر الإنترنت، بينما بلغت معاملات الموبايل ما بين 3 و3.5 تريليون جنيه، وهو ما يعكس حجم التغير السريع في سلوك المستخدمين واتجاه السوق نحو الخدمات الرقمية. 

وأوضح أن استخدام البيانات البديلة ونماذج التعلم الآلي أصبح ركيزة أساسية لتقييم الجدارة الائتمانية، خصوصًا للمستخدمين الذين لا يمتلكون سجلًا ائتمانيًا تقليديًا، بينما تلعب نماذج التمويل المضمّن دورًا محوريًا في دعم التجارة الإلكترونية. 

ولفت إلى أن البنك المركزي يعمل على تطوير Sandbox متكامل بالتعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية، لتجربة أدوات التمويل البديل وتبني أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.

تجارب عملية

ومن داخل القطاع المصرفي، كشف يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، عن تطبيقات عملية للذكاء الاصطناعي داخل البنك، أبرزها تحليل بيانات العملاء واقتراح منتجات جديدة تتوافق مع اهتماماتهم وسلوكهم الشرائي، مؤكدًا أن هذه الأدوات أسهمت في تحسين مؤشرات التحويل والتفعيل. 

وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي بات جزءًا رئيسيًا في تطوير إدارات الموارد البشرية والتشغيل الداخلي وإدارة المخاطر، معتبرًا أن ضخ الاستثمارات في هذا القطاع قد يتجاوز 10 ملايين دولار أحيانًا، بما يدفع المؤسسات نحو الاندماج أو الشراكة لضمان توفير التكنولوجيا المستدامة. 

وأكد أن القطاع المصرفي بات أمام مرحلة جديدة تتطلب توازنًا بين المردود الاقتصادي للتقنيات الحديثة وضمان قدرتها على خدمة الأهداف الاستراتيجية طويلة المدى.

تجربة العملاء

وفي السياق نفسه، شدد محمد الخوتاني، النائب الأول للرئيس والمدير العام لشركة سيلزفورس في الشرق الأوسط، على أن الذكاء الاصطناعي يعيد تعريف مفهوم تجربة العميل، ليس عبر استبدال العنصر البشري، بل من خلال زيادة الإنتاجية ودعم فرق العمل في جميع المراحل. 

وأوضح أن هذه التقنية تحتاج إلى بيئة تنظيمية قوية وتعاون مستمر بين الجهات التشريعية والبنوك ومزودي التكنولوجيا، لضمان استخدام آمن للبيانات وحماية خصوصية العملاء. 

بينما أشار رضا هلال، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة نتورك إنترناشيونال في إفريقيا، إلى أن نجاح أي مشروع يعتمد على بنية تحتية مرنة قادرة على استيعاب أي أحداث طارئة، موضحًا أن تعزيز الشمول المالي وتوسيع منصات التمويل المدمج وخدمات الـNano Finance يمثلون مداخل أساسية لدعم الاقتصاد. 

ومن جانبه، نوه محمد كريم، رئيس مجلس إدارة ISCORE، إلى أن الاستثمار في التكنولوجيا أصبح ضرورة استراتيجية لتخفيض التكاليف التشغيلية مستقبلًا، مؤكدًا أن الشركة توسع خدمات Managed Services لتقديم حلول ائتمانية متطورة دون الحاجة لبنية تحتية خاصة لدى المؤسسات.

وينعقد معرض ومؤتمر Cairo ICT 2025 في نسخته التاسعة والعشرين خلال الفترة من 16 إلى 19 نوفمبر، برعاية وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، تحت شعار "AI Everywhere"، وبمشاركة أكثر من 500 عارض من مؤسسات حكومية وبنكية وتكنولوجية رائدة. 

ويجمع الحدث خمس فعاليات كبرى تشمل: PAFIX للمدفوعات الرقمية، وAIDC للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وConnecta للشباب وتكنولوجيا الترفيه، وInnovation Arena، وCyber Zone للأمن السيبراني، إلى جانب فعاليات تُعقد لأول مرة في موقعين داخل المعرض.

كما يشارك في الحدث عدد من أكبر الهيئات الوطنية، منها البنك المركزي، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات NTRA، هيئة ITEDA، البريد المصري، والهيئة العربية للتصنيع، بالإضافة إلى مشاركة جهاز مستقبل مصر كضيف شرف لهذه الدورة. 

ويقدم المعرض جلسات تفاعلية وعروضًا تطبيقية تغطي أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والجيل الخامس، وإنترنت الأشياء، والأمن السيبراني، والمدن الذكية، والتعليم الرقمي، والهوية الرقمية eKYC، والحوسبة السحابية، والتقنيات الخضراء.

ويحظى المعرض بدعم ورعاية مجموعة من أبرز المؤسسات، من بينها شركة دل تكنولوجيز، مجموعة إي فاينانس، شركة WB Engineers+Consultants، البنك التجاري الدولي CIB، شركة هواوي، شركة أورنچ مصر، شركة مصر للطيران، بالإضافة إلى إيجيبت تراست، وماستركارد، وشركة ميدار، وشركة فورتينت، إلى جانب شركات سيلزفورس، بنية، خزنة، والبنوك الكبرى مثل البنك الأهلي المصري، البنك العربي الأفريقي الدولي، وبنك الإسكندرية، إضافة إلى شركات ICT Misr وIoT Misr ونتورك إنترناشيونال وشركة Meinhardt.