تعاون عربي لتعزيز منظومة ذكاء اصطناعي قادرة على بناء اقتصاد رقمي موحد

شهدت فعاليات معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا والاتصالات Cairo ICT 2025 نقاشًا موسعًا حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية، حيث جاءت الجلسة الرئيسية تحت عنوان “نحو نظام بيئي عربي موحد للذكاء الاصطناعي” لتسلط الضوء على ضرورة صياغة رؤية مشتركة تعزز قدرات الابتكار، وتبني المواهب، وتوسع تأثير التقنيات الحديثة في تنمية الاقتصاد الرقمي. 

وجاءت الجلسة بمشاركة قيادات من الاتحاد العربي لتقنيات الاتصالات وعدد من الخبراء المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي من مختلف الدول العربية، وسط اهتمام ملحوظ بالدور المتوقع للحكومات والمؤسسات الأهلية والقطاع الخاص في دعم التحول الرقمي العربي.

افتتح الجلسة الدكتور ناصر فؤاد، مستشار الاتحاد العربي لتقنيات الاتصالات، مؤكدًا أهمية وضع إطار قانوني عربي استرشادي ينظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي داخل المنطقة، مشيرًا إلى أن بناء التفوق التكنولوجي لا يرتبط بالتمويل وحده، بل بالإرادة والالتزام، وهو ما أثبتته التجربة البحرينية التي استعرضها خلال الجلسة، موضحًا أنها تقدم نموذجًا لقدرة الدول العربية على تحقيق تقدم مؤثر حتى مع اختلاف مستويات الاستثمار. 

وشدد فؤاد على أن تطوير الذكاء الاصطناعي يجب أن يُبنى على رؤية متكاملة تشمل التعليم، والصناعة، والإبداع، والعمل الجماعي عبر الحدود.

الذكاء الأخلاقي

وفي سياق متصل، أكد راشد السنان، نائب رئيس الاتحاد من البحرين، أن الاتحاد يضم عددًا من الجمعيات العربية الفاعلة، مثل بيتك في البحرين واتصال في مصر، إضافة إلى جمعيات من المغرب والعراق واليمن والأردن، مشيرًا إلى أهمية تأسيس فرق عربية متخصصة من مهندسي الذكاء الاصطناعي للعمل تحت مظلة الاتحاد بهدف تنسيق الجهود ورفع مستوى الكفاءة. 

ولفت إلى ضرورة الالتزام بمبادئ الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، مؤكدًا أن التكنولوجيا لا تنفصل عن الثقافة، داعيًا لدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم وفي السلوك المجتمعي، مع إعداد خطة عربية مشتركة يتم تطويرها ضمن المجلس الاستشاري للاتحاد لتوحيد الجهود.

التكامل العربي

من جانبه، أوضح المهندس حسام مجاهد، رئيس مجلس إدارة جمعية اتصال، أن غياب التنسيق بين الاستراتيجيات الوطنية للذكاء الاصطناعي في العالم العربي يمثل أحد أبرز التحديات التي تعيق بناء منظومة موحدة، محذرًا من فقدان الفرص التي يمكن الاستفادة منها في ظل توافر مراكز بيانات قوية ومواهب عربية ذات كفاءة عالية. 

واستعرض مجاهد نماذج تعاون قائمة بالفعل، من بينها برامج تدريبية مشتركة تجمع بين جوجل وجامعة القاهرة، معتبرًا أنها خطوة مهمة وإن كانت غير كافية للوصول إلى التكامل المطلوب. 

ودعا إلى إنشاء حاضنات أعمال افتراضية تجمع رواد الأعمال من مختلف الدول بعيدًا عن قيود السفر والتأشيرات، مؤكدًا أن الأفكار الجيدة لا يجب أن تتوقف عند الحدود وأن المنطقة بحاجة إلى منصات موحدة لدعم الابتكار.

التعليم والعمل

وفي محور آخر، لفت رؤوف ناصر، عضو مجلس إدارة الاتحاد، إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح ركيزة محورية في التعليم وفي مختلف المهن المستقبلية، مشددًا على أن الأجيال الجديدة يجب أن تتعامل مع AI ليس كأداة مساعدة فقط، بل كأساس للتعلم وفرص العمل. 

ودعا ناصر إلى إزالة القيود التي تحد من تنقل المواهب العربية، مؤكدًا أن بناء اقتصاد رقمي عربي تنافسي يتطلب انفتاحًا أكبر بين الدول وتحريرًا لحركة الخبرات والكفاءات. 

واتفق المشاركون على أن المنطقة العربية أصبحت بحاجة ملحة إلى منظومة موحدة للذكاء الاصطناعي ترتكز على تبادل الخبرات، وتنسيق الاستراتيجيات، وتطوير مبادرات مشتركة في التدريب والابتكار، ووضع إطار قانوني استرشادي يضمن الاستخدام المسؤول للتقنيات الحديثة.

وشهدت نسخة Cairo ICT 2025، التي تُعقد خلال الفترة من 16 إلى 19 نوفمبر، مشاركة واسعة من أكثر من 500 عارض، فضلًا عن حضور بارز للوزارات والهيئات الحكومية تحت رعاية وزير الاتصالات الدكتور عمرو طلعت، وذلك بمركز مصر للمعارض الدولية بالقاهرة الجديدة. 

وجاء الحدث هذا العام تحت شعار “AI Everywhere”، ليؤكد على الانتشار المتزايد لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.

وتضمن المعرض خمس فعاليات كبرى تشمل PAFIX للمدفوعات الرقمية والشمول المالي، AIDC للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، Connecta للشباب والترفيه الرقمي، Innovation Arena للإبداع، وCyber Zone للأمن السيبراني، إضافة إلى تنظيم الفعاليات في موقعين للمرة الأولى داخل المعرض. 

كما شهدت الفعاليات مشاركة مؤسسات كبرى مثل وزارة الاتصالات، البنك المركزي، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، هيئة ITEDA، البريد المصري، والهيئة العربية للتصنيع، إلى جانب جهاز مستقبل مصر كضيف شرف.

وشاركت في رعاية المعرض جهات محلية وإقليمية ودولية، من بينها دل تكنولوجيز، إي فاينانس، WB Engineers+Consultants، البنك التجاري الدولي، هواوي، أورنچ مصر، مصر للطيران، إيجيبت تراست، ماستركارد، ميدار، وفورتينت، إلى جانب جهات أخرى مثل سيلزفورس، مجموعة بنية، خزنة، البنك الأهلي المصري، البنك العربي الأفريقي الدولي، بنك الإسكندرية، ومجموعة شاكر، وشركتي ICT Misr وIoT Misr، ونتورك إنترناشيونال، وشركة Meinhardt.

وتقدم Cairo ICT 2025 منصات واسعة للنقاش والعروض التطبيقية حول أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، شبكات الجيل الخامس، الأمن السيبراني، المدن الذكية، التعليم الرقمي، الحوسبة السحابية، التكنولوجيا المالية، والتقنيات الخضراء، بما يعزز مكانة المعرض كأحد أهم الأحداث التكنولوجية في المنطقة.