جوجل تُحدث ثورة في عالم الذكاء الاصطناعي بإطلاق Gemini 3 بقدرات تحليلية عميقة ونبرة حازمة

في خطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة تعريف معايير المنافسة في سوق التكنولوجيا العالمي، أزاحت شركة جوجل الستار رسمياً عن الجيل الثالث من نماذجها للذكاء الاصطناعي، والذي يحمل اسم Gemini 3، ليكون الوريث الشرعي والأكثر تطوراً لنسخة Gemini 2.5 التي ظهرت في مايو الماضي.

ويأتي هذا الإطلاق ليمثل نقطة تحول جوهرية في مسيرة الشركة، حيث لا يكتفي النموذج الجديد بتقديم تحسينات طفيفة على الأداء، بل يعيد صياغة طريقة تفاعل الآلة مع البشر بشكل جذري، متخلياً عن الأنماط التقليدية في الحوار لصالح أسلوب أكثر فاعلية.

وقد بدأت جوجل بالفعل في طرح النموذج الجديد عبر وضع "AI Mode" المدمج في محرك البحث الشهير، ليكون متاحاً بشكل فوري لمشتركي خدمات Google AI Pro و AI Ultra، بالإضافة إلى توفره لعموم المستخدمين عبر التطبيق المستقل، مما يضمن انتشاراً واسعاً للتقنية الجديدة.

تحول جذري

وفي تعليقه على هذا الحدث، أكد المدير التنفيذي للشركة، سوندار بيتشاي، أن Gemini 3 يمتلك قدرة فائقة وغير مسبوقة على فهم السياق العام للمحادثة واستيعاب نية المستخدم من أول مرة، مما ينهي عصر تكرار التوجيهات للحصول على النتيجة المطلوبة.

وتصف الشركة نموذجها الجديد بأنه "أفضل نموذج في العالم لفهم الوسائط المتعددة"، حيث تم تصميمه ليتجاوز حدود النصوص المكتوبة، مقدماً قدرات استثنائية في تحليل الصور والفيديو بتمثيلات بصرية غنية، مما يفتح آفاقاً جديدة للمبدعين وصناع المحتوى.

وتبدأ رحلة هذا الجيل بإطلاق نسخة Gemini 3 Pro، التي تتوفر حالياً بنسخة معاينة أولية، حيث تم هندستها لتقديم إجابات مباشرة ومركزة، متخلية عن عبارات المجاملة الزائدة والحشو اللغوي الذي كان يميز النسخ السابقة، لصالح تقديم المعلومة الصرفة.

وتشير الاختبارات المعيارية إلى تفوق هذه النسخة بشكل ملحوظ على سابقتها Gemini 2.5 Pro في كافة مقاييس الذكاء الاصطناعي الأساسية، موفرة مستوى أعلى من الدقة والوضوح في المعالجة، مع سرعة بديهة تجعل التفاعل معها أقرب إلى التحدث مع خبير بشري محترف.

عمق فكري

وفي سياق متصل، تحضر جوجل لمفاجأة أخرى تتمثل في نسخة Gemini 3 Deep Think، التي تخضع حالياً لاختبارات سلامة صارمة قبل إتاحتها لاحقاً لمشتركي الفئات العليا، وهي نسخة مصممة للمهام المعقدة التي تتطلب تفكيراً استنتاجياً عميقاً وتحليلاً منطقياً متسلسلاً.

وتتميز هذه النسخة "المفكرة" بأنها تأخذ وقتاً أطول قليلاً في توليد الإجابات مقارنة بالنسخة الاحترافية، وذلك لأنها تقوم بعمليات معالجة متعددة الطبقات للوصول إلى أدق النتائج الممكنة، مما يجعلها الخيار الأمثل للباحثين والعلماء والراغبين في حل المشكلات المعقدة.

وقد طُور الجيل الثالث ليكون بمثابة الأداة التعليمية الأقوى في ترسانة جوجل، حيث يمتلك مرونة مذهلة في دمج المعلومات واستقائها من مصادر متنوعة، سواء كانت نصوصاً أكاديمية، مقاطع فيديو تعليمية، ملفات صوتية، أو حتى أكواداً برمجية معقدة، وشرحها بأسلوب مبسط.

ويعكس هذا التوجه رغبة جوجل في تحويل Gemini من مجرد مساعد رقمي للإجابة عن الأسئلة، إلى شريك معرفي قادر على تفكيك المفاهيم الصعبة وإعادة بنائها بطريقة تناسب مستوى استيعاب المستخدم، مما يجعله ثورة حقيقية في مجال التعليم الذاتي والبحث العلمي.

درع رقمي

وعلى صعيد الأمان، الذي طالما كان هاجساً في تطوير النماذج اللغوية الكبيرة، تؤكد جوجل أن Gemini 3 هو "أكثر نماذجها أماناً حتى الآن"، بعد أن أخضعته لأوسع وأقسى مجموعة من اختبارات السلامة والموثوقية في تاريخ مختبرات الشركة قبل السماح بخروجه للنور.

وقد ركزت هذه التحسينات الأمنية على تقليل احتمالية استجابة النموذج للمحاولات الخبيثة، بما في ذلك مقاومة هجمات "حقن الأوامر" (Prompt Injection)، التي تهدف إلى التلاعب بالذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى ضار أو غير ملائم، مما يجعله بيئة آمنة للاستخدام المؤسسي والفردي.

كما يتميز النموذج الجديد بجرأة أكبر في الطرح، حيث انخفضت معدلات "التحفظ المفرط" التي كانت تجعل النماذج السابقة تتردد في الإجابة عن أسئلة غير ضارة، ليصبح النظام الآن أكثر قدرة على التمييز بين الطلبات الخبيثة والاستفسارات المشروعة، مقدماً إجابات مفيدة وواثقة.