السويد تتفوق في سباق الذكاء الاصطناعي الأوروبي واستثماراتها تفوق حجم اقتصادها

كشف تقرير حديث صدر في نوفمبر 2025 عن شركة البرمجيات Digitain، أن خريطة استثمارات الذكاء الاصطناعي في القارة الأوروبية تشهد تحولًا لافتًا ومهمًا، فبعد تحليل معمق للبيانات، أصبحت السويد الدولة الأكثر استثمارًا في هذه التقنية الحيوية عند قياس حجم الاستثمار بحجم اقتصادها المحلي، وهو مؤشر رئيسي على الأولوية الوطنية للذكاء الاصطناعي.

بينما تتصدر السويد المشهد، تتقدم دول صغيرة أخرى مثل صربيا وكرواتيا بمعدلات نمو في تبني الذكاء الاصطناعي تفوق بكثير التوقعات العامة للسوق الأوروبي، مما يشير إلى وجود حراك تقني سريع خارج المراكز الاقتصادية التقليدية.

هيمنة سويدية

أكد التقرير أن الذكاء الاصطناعي يمثل نسبة 0.63% من الناتج المحلي الإجمالي السويدي مع نهاية عام 2025، ويُعد هذا المستوى هو الأعلى بين الدول الأوروبية كافة، ويأتي هذا التفوق بفضل التوسع الكبير في نشر وتطبيق الحلول الذكية داخل قطاعات حيوية مثل الصناعة والخدمات والتعليم والرعاية الصحية.

يُقدَّر حجم استثمارات السويد المباشرة في الذكاء الاصطناعي بنحو 35 مليار دولار أمريكي، وهو استثمار ضخم يوازي طموحها، وفي الوقت نفسه، يتوقع التقرير أن يصل نمو استخدام هذه التقنية داخل السويد إلى نسبة مذهلة تبلغ 140% خلال فترة قصيرة.

أما صربيا، فرغم محدودية حجم اقتصادها مقارنة بالعمالقة الأوروبيين، فإنها تسجل أسرع وتيرة لتبني الذكاء الاصطناعي في القارة بأكملها، وذلك بعد ارتفاع متوقع في الاستخدام بنسبة تصل إلى 286% خلال عام واحد فقط، مما يعكس تحولاً نوعياً في بيئتها التقنية.

جاءت لاتفيا في ذيل القائمة الأوروبية من حيث الاستثمار، حيث لم تتجاوز استثماراتها 10 ملايين دولار على مدار عامين كاملين، مما يعكس بطئًا كبيرًا ومقلقًا في دمج التكنولوجيا المتقدمة داخل منظومتها الاقتصادية الشاملة.

شمل التقرير في تحليله الدقيق 27 دولة أوروبية مختلفة، وركّز على قياس حجم الاستثمارات الموجهة للذكاء الاصطناعي خلال خمس سنوات ماضية، كما ربطها بالناتج المحلي الإجمالي للدول ومعدلات تبني التقنية وتطبيقها الفعلي.

اعتمدت Digitain على نسبة استثمارات الذكاء الاصطناعي إلى الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 كمؤشر رئيسي ومعياري لقياس أولوية الذكاء الاصطناعي الحقيقية داخل الإستراتيجيات الوطنية لكل دولة.

مراكز متقدمة

احتلت فنلندا المركز الثاني في قائمة الدول الأكثر مساهمة للذكاء الاصطناعي في اقتصادها، بنسبة 0.42% من ناتجها الإجمالي، حيث ضخت ما يقرب من 8.4 مليارات دولار في مشاريع الذكاء الاصطناعي المختلفة، مما يعكس تسارعًا ملحوظًا في توجهها نحو التحول الرقمي الشامل.

جاءت كرواتيا مفاجأة في المركز الثالث بنسبة 0.23%، وهي نسبة عالية ومهمة رغم صغر حجم اقتصادها، مع استثمارات بلغت 860 مليون دولار، مما يظهر التزامها بالاستثمار النوعي في المستقبل التكنولوجي.

احتلت اليونان المرتبة الرابعة بنسبة 0.15% من اقتصادها الذي يبلغ 282 مليار دولار، إلى جانب تسجيلها نموًا سريعًا في الاستخدام يصل إلى 150%، مما يشير إلى إمكانات كبيرة في جنوب أوروبا.

أما فرنسا، فرغم كونها واحدة من أكبر اقتصادات أوروبا ومن أكبر المستثمرين بإجمالي استثمارات بلغ 16.4 مليار دولار، فقد جاءت في المرتبة الخامسة فقط، وذلك بنسبة 0.11% من ناتجها المحلي، مع نمو متوقع يقترب من 70% في استخدام التقنية.

تحديات عالمية

علق آني مكرتشيان، مدير المبيعات في Digitain، مشيرًا إلى أن القيمة الحالية لسوق الذكاء الاصطناعي عالميًا تبلغ نحو 240 مليار دولار، في حين يُتوقع أن تقفز هذه القيمة إلى 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2030، مما يؤكد حجم السباق العالمي.

أضاف أن الولايات المتحدة والصين تستحوذان على حصة هائلة تبلغ 87% من السوق العالمي للذكاء الاصطناعي، ما يجعل أوروبا ككل بعيدة عن المنافسة الحقيقية على القمة العالمية، وحذر بشدة من أن استمرار هذا الوضع سيعني أن القارة ستظل تعتمد على ما تنتجه الشركات الأمريكية والصينية الرائدة.

ختم تحذيره بأن على أوروبا مضاعفة استثماراتها سريعًا وبشكل جذري، والعمل على بناء قدراتها التكنولوجية الذاتية والسيادية، إذا أرادت أن تكون لاعبًا رئيسيًا في هذا المشهد المتسارع، ويعكس التقرير رسالة واضحة لكل صانعي القرار الأوروبيين.

بالرغم من وجود دول أوروبية تتقدم بخطوات كبيرة في تبني وتطبيق الذكاء الاصطناعي، فإن القارة الأوروبية ككل لا تزال في حاجة ماسة إلى طفرة استثمارية واسعة النطاق، إذا أرادت المنافسة الفعالة في سباق عالمي يتسارع بوتيرة غير مسبوقة على الإطلاق.