الذكاء الاصطناعي يهدد شبكات الطاقة العالمية ويستهلك كهرباء تفوق دولاً كبرى
الذكاء الاصطناعي
ياسين عبد العزيز
يواصل الذكاء الاصطناعي صعوده كقوة دافعة للإنتاجية والنمو الاقتصادي على مستوى العالم، لكنه في المقابل بدأ يفرض ضغوطًا غير مسبوقة ومتزايدة على قطاع الطاقة نتيجة احتياجاته الضخمة والمتنامية من الكهرباء، وبينما تظهر توقعات صندوق النقد الدولي أن الذكاء الاصطناعي قادر على رفع متوسط النمو العالمي، فإن تشغيل هذه التقنيات يتطلب توسعًا ضخمًا وفوريًا في البنية التحتية الكهربائية، خاصة لتغذية مراكز البيانات التي تقود هذه الثورة الرقمية.
طلب متزايد
تحولت مراكز البيانات خلال السنوات الأخيرة إلى واحدة من أسرع القطاعات استهلاكًا للطاقة في العالم بأسره، ووفقًا لتقديرات منظمة "أوبك"، بلغ استهلاكها الإجمالي في عام 2023 نحو 500 تيراوات/ساعة، وهو رقم يتجاوز ضعف متوسط الاستهلاك المسجل بين عامي 2015 و2019، مما يوضح حجم القفزة الهائلة في الطلب.
تُرجّح المنظمة أن يقفز هذا الرقم الضخم إلى 1,500 تيراوات/ساعة بحلول عام 2030، وهو ما سيعادل تقريبًا إجمالي استهلاك دولة بحجم الهند، التي تُعد ثالث أكبر مستخدم للكهرباء عالميًا، وتشير التوقعات إلى أن الطاقة التي ستستهلكها مراكز البيانات ستتخطى بكثير استهلاك كافة السيارات الكهربائية مع نهاية العقد الحالي.
تتمركز أكبر شبكات لمزارع الخوادم في الولايات المتحدة تحديدًا، وتتوقع تحليلات دقيقة صادرة عن شركة “ماكينزي” أن يقفز الطلب على الكهرباء في هذا القطاع إلى ثلاثة أضعاف حاجته الحالية، متجاوزًا 600 تيراوات/ساعة بحلول عام 2030، مما يمثل تحديًا كبيرًا لشبكات التوزيع الأمريكية.
يأتي هذا التزايد الهائل بالتزامن مع طفرة عالمية غير مسبوقة في إنشاء مستودعات بيانات جديدة عملاقة، والهدف من ذلك هو دعم خدمات الحوسبة السحابية المتنامية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي كثيفة الاستهلاك، ما يجعل إستراتيجيات الطاقة مسألة حاسمة وملحة أمام الحكومات والمنظمات الدولية.
تسعى الحكومات لضمان تلبية موجة الطلب المتصاعدة، وإلا فإنها قد تواجه اضطرابات في الإمدادات وارتفاعًا في الأسعار، ورغم أن التوسع المستمر لقطاع التكنولوجيا قد يساهم مستقبلاً في رفع العرض الكلي للكهرباء عبر تقنيات جديدة، فإن أي تباطؤ في تطوير القدرات الإنتاجية سيخلق أزمة.
تأثيرات بيئية
قد يقود هذا التباطؤ إلى ارتفاعات حادة في أسعار الكهرباء على المدى القريب، ما سينعكس سلبًا بشكل مباشر على الشركات والمستهلكين على حد سواء، وربما يعرقل نمو صناعة الذكاء الاصطناعي نفسها التي تعتمد على طاقة رخيصة نسبيًا.
تُشير تقديرات صادرة عن صندوق النقد الدولي إلى أن الطلب الإضافي الهائل على الكهرباء، الناتج بشكل رئيسي عن تشغيل الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يرفع انبعاثات الكربون العالمية بنحو 1.7 غيغاطن بين عامي 2025 و2030، وهو ما يعادل إجمالي الانبعاثات المرتبطة بالطاقة في دولة إيطاليا على مدار خمس سنوات كاملة.
يظل المشهد المستقبلي لنمط وحجم الطلب على الكهرباء من قبل الذكاء الاصطناعي غامضًا ومعقدًا للغاية، فالتقنيات الأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة مثل النماذج مفتوحة المصدر، وعلى رأسها نماذج شركة DeepSeek، قد تساعد في خفض الاستهلاك الإجمالي للقطاع.
إلا أن انخفاض التكلفة المرافقة لتقنيات الذكاء الاصطناعي يشجع في الوقت نفسه على التوسع غير المقيد في استخدام هذه التقنية عالميًا، بينما ترفع النماذج عالية القدرات في عمليات الاستدلال والتدريب استهلاك الطاقة إلى مستويات أعلى بكثير من التوقعات.
مستقبل الطاقة
يؤكد الخبراء في ظل هذا التداخل المعقد بين النمو التقني وتحديات الطاقة، ضرورة وأهمية تعاون الحكومات بشكل وثيق مع الشركات التكنولوجية العملاقة، وذلك لتطوير سياسات طاقة مرنة ومستدامة.
يجب أن تعزز هذه السياسات الاعتماد على مصادر متنوعة ومتجددة للطاقة، بما يضمن تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء بشكل مستمر، ويساعد في الوقت نفسه على تخفيف تقلبات الأسعار التي قد تهدد الاستقرار الاقتصادي، والحد من الانبعاثات الكربونية الضخمة التي تفاقم التغير المناخي.
باتت المعادلة واضحة المعالم أمام الجميع: استمرار نمو ثورة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته مرهون بشكل أساسي بتأمين إمدادات كهرباء نظيفة ووفيرة، تكون قادرة على مواكبة ثورة لا تظهر أي مؤشرات على التباطؤ في مسارها المتصاعد.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً