الأحد، 14 ديسمبر 2025

09:59 ص

صراع الإرادات بين الذكاء الاصطناعي والمناخ.. التكنولوجيا بين التمكين والتهديد البيئي

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

A A

شكلت تقنيات الذكاء الاصطناعي نقطة محورية في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 30) الذي عُقد في البرازيل، حيث تباينت الآراء حول دورها المستقبلي، إذ يتم الترويج لها كأداة قوية وفعالة لمكافحة التغير المناخي، بينما يُنظر إليها بعين الحذر كـ "خصم" يستوجب التنظيم والرقابة الصارمة. 

وقد سلط هذا الحدث الضوء على الجدل المتزايد بشأن التكنولوجيا، بين الأمل في قدرتها على إنقاذ الكوكب والمخاوف بشأن بصمتها البيئية المتفاقمة.

تروّج كبرى شركات التكنولوجيا والدول المشاركة في "كوب 30" لقدرات الذكاء الاصطناعي الهائلة، مؤكدة أنها مفتاح لدعم الجهود العالمية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، الناتجة بشكل رئيسي عن حرق الوقود الأحفوري، ويرى الداعمون أن هذه التقنية قادرة على إحداث نقلة نوعية في قطاعات حيوية، بدءًا من إدارة الطاقة إلى الزراعة والبيئة.

أداة تمكين

يُتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة شبكات الكهرباء بشكل كبير، مما يقلل من هدر الطاقة، كما يمكنه مساعدة المزارعين في التنبؤ بدقة عالية بالتقلبات الجوية المتوقعة، لضمان إدارة أفضل للمحاصيل والموارد المائية. 

ولا يقتصر دور التكنولوجيا على ذلك، بل يشمل تتبُّع الأنواع البحرية المهددة بالانقراض، بالإضافة إلى تصميم بنى تحتية قادرة على الصمود في وجه الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الفيضانات والجفاف، وعليه، يصف آدم إلمان، مدير الاستدامة في "جوجل"، الذكاء الاصطناعي بأنه "أداة تمكينية" تحقق نتائج واضحة وملموسة بالفعل في جهود الاستدامة.

وحش غير منظم

في المقابل، تطلق منظمات المناخ تحذيرات جدية من تجاهل الأثر البيئي المتزايد للذكاء الاصطناعي، خصوصًا فيما يتعلق بالزيادة الهائلة في استهلاك الكهرباء والمياه، وهي موارد ضرورية لتشغيل مراكز البيانات الضخمة وعمليات المعالجة الرقمية المعقدة، وتعتقد هذه المنظمات أن التوسع غير المقيّد للذكاء الاصطناعي قد يشكل عقبة أمام تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ لعام 2015، الذي يهدف إلى الحد من ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية.

وتشدد جين سو، مدير شؤون العدالة في الطاقة لدى مركز التنوع البيولوجي، على أن «الذكاء الاصطناعي حاليًا وحش غير منظم حول العالم»، مما يستدعي وضع ضوابط واضحة وملزمة لضمان توافقه مع الأهداف البيئية، وتثير هذه المخاوف تساؤلات حول التكلفة الحقيقية لتبني هذه التقنيات، بالنظر إلى متطلباتها الهائلة من الطاقة والموارد الطبيعية. 

وعليه، يجب تحقيق توازن دقيق بين الاستفادة من مزايا الذكاء الاصطناعي البيئية والسيطرة على بصمته الكربونية والمائية المتزايدة.

ضوابط لازمة

يُظهر هذا التباين في الآراء الحاجة الملحة إلى إطار تنظيمي عالمي شامل، يضمن أن التطور التكنولوجي يخدم أهداف الاستدامة بدلًا من تقويضها، ويتطلب الأمر تعاونًا بين الحكومات، شركات التكنولوجيا، ومنظمات المجتمع المدني، لتحديد معايير واضحة لكفاءة الطاقة في خوارزميات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، ويُعدّ هذا الجدل دعوة للتفكير في كيفية دمج التكنولوجيا الحديثة بمسؤولية، لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة، فالتقنية يمكن أن تكون حليفًا قويًا، شريطة أن تكون مضبوطة وموجهة بشكل صحيح نحو حماية البيئة، بدلًا من أن تكون عبئًا إضافيًا عليها، إن استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم المناخ لا ينبغي أن يتم على حساب زيادة الضغط على الموارد البيئية الأخرى.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً