الثلاثاء، 02 ديسمبر 2025

11:29 ص

تطوُّرٌ علميٌّ يُعيد الأمل في تشخيص الأمراض النادرة وعلاجها بذكاء الذكاء الاصطناعي

الطفرات الجينية

الطفرات الجينية

A A

نجح فريقٌ دوليٌ من العلماء في تقديم إنجازٍ علميٍّ بارزٍ، بتطوير نموذجٍ متقدّمٍ من الذكاء الاصطناعي، يمتلك قدرةً فائقةً على كشف الطفرات الجينية البشرية المجهولة، وتحديد مدى احتمالية تسبُّبها في ظهور الأمراض المختلفة، وهي خطوةٌ محوريةٌ ينتظر أن تُحدث تحولًا جذريًا في مسارات تشخيص الحالات النادرة ومعالجتها حول العالم.

نموذجٌ تفوّق

يعتمد النموذج الحديث، الذي يحمل اسم popEVE، على تحليل كمٍّ هائلٍ من المعلومات البيولوجية المُستخلصة من مئات الآلاف من الأنواع الحيوانية المختلفة، ما منحه تفوقًا ملحوظًا على النماذج المنافسة له، ومن بينها نموذج AlphaMissense الذي طوَّرته شركة جوجل DeepMind، وذلك بحسب تأكيدات الفريق البحثي. 

تُوفِّر هذه التقنية المتطورة حزمةً إضافيةً من البيانات الدقيقة للأطباء المتخصصين، لمساعدتهم في التعامل مع التحديات الطبية النادرة أو تلك التي تتسم بفرادتها الجينية، خاصةً أن الأمراض النادرة تُقدَّر بأنها تُصيب ملايين الأفراد حول العالم، ويظل عددٌ كبيرٌ من المرضى يعيشون دون تشخيصٍ واضحٍ لحالاتهم المرضية.

يشير الدكتور جوناثان فريزر، الباحث في مركز تنظيم الجينوم في برشلونة، إلى وجود مساراتٍ متعددةٍ يمكن أن تسلكها الطفرات الجينية الفردية لتُفضي إلى الإصابة بالمرض، ومع هذا العدد الضخم من المرضى، غالبًا ما يُلاحظ نقصٌ شديدٌ في المعلومات الطبية المُتاحة، ما يجعل تشخيص المرض صعبًا، وفهم كيفية علاجه أكثر تعقيدًا، مُعربًا عن أمله في أن يُصبح هذا النموذج أداةً عامةً ومهمةً تسهم بفاعليةٍ في تسهيل هذه العملية. 

طُوِّر نموذج popEVE نتيجة تعاونٍ بحثيٍّ مثمرٍ بين علماء من مدينة برشلونة وزملائهم في كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية، وهو يستند في عمله إلى خوارزمية EVE التي ظهرت في عام 2021، والتي تعتمد في جوهرها على تحليل التأثير التطوري للتغيرات والطفرات الجينية.

اعتمد العلماء في منهجيتهم على دراسة كيفية تأثير التغيرات الجينية على الإرشادات التي تُقدَّم للخلايا، والمسؤولة عن إنتاج البروتينات، والتي تُمثِّل اللبنات الأساسية للحياة في الكائنات الحية، مع تركيزهم بشكلٍ خاصٍ على طفراتٍ تُعرف باسم "missense"، وهي عبارةٌ عن تغييراتٍ جينيةٍ تؤدي إلى استبدال حمضٍ أمينيٍّ واحدٍ داخل التركيب البروتيني، مما يُغيّر من وظيفته الأساسية. 

وخضع النموذج لاختباراتٍ دقيقةٍ باستخدام بياناتٍ جينيةٍ تخص إحدى وثلاثين ألف عائلةٍ، كان لديها أطفالٌ يعانون من اضطراباتٍ شديدةٍ في النمو، وقد أظهر النموذج كفاءةً ودقةً مُبهرةً في تحديد الطفرة الأكثر ضررًا.

نتائجٌ مُبهرة

في خضم تلك الاختبارات، وفي إحدى وخمسين وثلاثمائة حالةٍ ظهرت فيها طفرةٌ جديدةٌ كليًا لدى الأطفال المُصابين، تمكّن نموذج popEVE من تحديد الطفرة المسبّبة بدقةٍ غير مسبوقةٍ وصلت إلى ثمانيةٍ وتسعين في المائة، وهي نسبةٌ تُعدّ إنجازًا حقيقيًا في هذا المجال. 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل كشف النموذج أيضًا عن مائةٍ وثلاثةٍ وعشرين جينًا جديدًا، تبدو نشِطةً بشكلٍ خاصٍ في الدماغ أثناء مرحلة نموه، وهي جيناتٌ تتفاعل مع مجموعةٍ من البروتينات المعروفة بأنها مسبّبةٌ لأمراضٍ محددةٍ، لكن الملفت أنه لم يُربط أيٌ منها سابقًا باضطرابات النمو المعروفة، مما يفتح آفاقًا جديدةً للبحث والتشخيص.

مستقبلٌ متاح

أشار الباحثون المشرفون على المشروع إلى أن نموذج popEVE يتميز بأنه لا يحتاج إلى قدراتٍ حوسبيةٍ عاليةٍ وكبيرةٍ لكي يعمل بكفاءةٍ، ما يجعله حلًا عمليًا ومناسبًا بشكلٍ خاصٍ للدول ذات الدخل المنخفض أو المتوسط، لتمكينها من الاستفادة منه في نظامها الصحي، وفي هذا السياق، استُخدم النموذج بالفعل بنجاحٍ ملحوظٍ في التعامل مع بعض الحالات المرضية النادرة في دولة السنغال. 

ومن الأمثلة البارزة على هذا الاستخدام، مساهمته الفعالة في صياغة خطة علاجية لأحد المرضى الذي كان يُعاني من ضمورٍ عضليٍّ، وذلك عن طريق تعزيز مستويات فيتامين B2 في جسمه، مما يُشير إلى أهمية النموذج كأداةٍ مُساعدةٍ ليس فقط في التشخيص، بل أيضًا في توجيه القرارات العلاجية اللازمة، وبالتالي يُعزّز popEVE من إمكانيات التشخيص الجيني على نطاقٍ أوسع.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً