OpenAI تبحث عن موقع ثابت في سباق الذكاء الاصطناعي

تواجه OpenAI منعطفًا حاسمًا بعد مرور ثلاث سنوات على إطلاق ChatGPT، إذ تجد الشركة نفسها أمام مرحلة تتطلب إعادة ترتيب الأولويات للحفاظ على موقعها في صدارة سباق الذكاء الاصطناعي، وذلك في ظل منافسة قوية تقودها جوجل وأنثروبيك، ومع ارتفاع تكاليف التشغيل واشتداد معركة المواهب داخل الصناعة، تتزايد الحاجة لدى الشركة إلى تحقيق توازن بين الابتكار والقدرة على دعم البنية التحتية التي تقوم عليها نماذجها المتقدمة.

وتشير التطورات الأخيرة داخل السوق إلى أن الضغوط التي تتعامل معها OpenAI لم تعد تقتصر على تحسين النماذج أو إضافة ميزات جديدة، بل تشمل أيضًا تحديات تتعلق بقدرتها على تحمل تكاليف مراكز البيانات التي تشغل خدماتها، كما تواجه الشركة صعوبات في الحفاظ على الفجوة التقنية التي كانت تفصلها عن منافسيها خلال السنوات الماضية، إلى جانب رحلة معقدة للاحتفاظ بالمهندسين الذين يشكلون العمود الفقري لعملياتها.

وقد ازدادت هذه التحديات بعد إعلان جوجل عن نموذج Gemini 3 الذي يُنظر إليه كخطوة متقدمة تفوقت بها على الجيل الأحدث من نماذج GPT، بينما يرى خبراء أن التطور السريع الذي تحققه جوجل يعكس تحولًا واضحًا بعد سنوات من فقدان الزخم داخل الأسواق التي شهدت صعود أدوات تعتمد على تقنيات التواصل الذكي.

عودة جوجل

وتظهر المعلومات التي نُشرت في الأوساط التقنية أن سام ألتمان قد وجّه تحذيرات داخلية لفريقه قبل إطلاق Gemini 3 حول “ضغط تنافسي قصير المدى”، وهو ما انعكس على تركيز الشركة خلال الأشهر الأخيرة، إلا أن المنافسة أصبحت أكثر تعقيدًا بعد نجاح جوجل في رفع عدد مستخدمي Gemini إلى 650 مليون مستخدم شهريًا، بينما بلغ العدد 400 مليون فقط في مايو الماضي، ويعود هذا النمو إلى تحديثات متعددة وتطبيقات انتشرت بسرعة لدى الجمهور.

وقد أدى هذا الزخم إلى ارتفاع القيمة السوقية لشركة ألفابت لتقترب من 4 تريليونات دولار للمرة الأولى، مستفيدة من قدرتها على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل محرك البحث والخدمات السحابية والهواتف الذكية، ويرى مهندسو الشركة أن القفزة في الأداء جاءت نتيجة الاعتماد على وحدات TPU الخاصة بجوجل خلال تدريب النموذج الجديد بديلاً عن رقاقات إنفيديا.

إشادات تقنية

وقد حصلت نماذج جوجل على تقييمات مرتفعة في اختبارات قياس الأداء، كما تلقت إشادات من شخصيات بارزة داخل عالم التقنية، وأبرزهم مارك بينيوف الذي أعلن أنه لن يعود إلى استخدام ChatGPT بعد تجربته لنموذج Gemini 3، ومع ذلك تؤكد OpenAI أن نماذجها لا تزال تقدم معايير عالية في الموثوقية والفائدة العملية، بينما يشير مسؤولون داخل الشركة إلى أن المنافسة الصحية تساعد في دفع القطاع بأكمله إلى الأمام.

وتشير المعلومات إلى أن فريق OpenAI يواجه ضغطًا متزايدًا نتيجة مقارنة الأداء بين النماذج، كما تتزايد الحاجة لتحسين قدرات المنتجات دون الإخلال بالسرعة المطلوبة لتقديم تحديثات تنافسية.

انتقادات داخلية

وتواجه الشركة انتقادات حول توسعها المتسارع خلال العامين الأخيرين، خاصةً مع دخولها مجالات متعددة عبر تطوير أدوات للبرمجة وتوسيع قدرات Sora، ويرى محللون أن هذا التوسع قد أدى إلى تشتيت تركيز الشركة، خصوصًا في وقت تستعد فيه لاستثمارات ضخمة تصل إلى 1.4 تريليون دولار خلال السنوات الثمانية المقبلة، وهي خطة تتطلب مصادر دخل ثابتة قادرة على دعم هذه الالتزامات.

كما تعتمد الشركة على توقعات بزيادة عدد المشتركين في حسابات ChatGPT المدفوعة خلال السنوات المقبلة، بينما يشكل دخولها في سوق الإعلانات خطوة تحمل مخاطر واضحة بسبب سيطرة شركات مثل ميتا وجوجل على هذا القطاع.

صعود أنثروبيك

وتواصل Anthropic توسيع حضورها داخل القطاع الموجه للمؤسسات بفضل تركيزها على تقديم نماذج تُعرف بموثوقيتها العالية وقدرتها على توفير مستوى متقدم من الأمان، وقد ساعد هذا التوجه في بناء سمعة قوية جعلت روبوت Claude يحافظ على مكانة مميزة لدى المستخدمين المهنيين، رغم امتلاك ChatGPT قاعدة تتجاوز 800 مليون مستخدم حول العالم.

ويرى الخبراء أن مستقبل المنافسة لا يزال مفتوحًا، وأن الشركات الثلاث تمتلك فرصًا كبيرة لتوسيع حضورها مع استمرار نمو سوق الذكاء الاصطناعي بمعدلات متسارعة، بينما يعتقد آخرون أن التحديات التي تواجه OpenAI قد تدفعها إلى إعادة بناء استراتيجيتها بما يتناسب مع متطلبات المرحلة المقبلة.