جوجل تعيد السيطرة على سباق الذكاء الاصطناعي العالمي بعد سنوات تراجع

لم تمض سنوات طويلة على الاعتقاد بأن جوجل فقدت مكانتها في سباق الذكاء الاصطناعي، فظهور ChatGPT في 2022 أحدث صدمة كبيرة داخل وادي السيليكون، وجعل الشركة تبدو متأخرة عن منافستها الصاعدة OpenAI، كما أن تصريحات مهندسين ورؤساء تنفيذيين سابقين عززت هذا الانطباع، لكن المشهد تغير سريعًا خلال الأسابيع الأخيرة مع إطلاق جوجل سلسلة من التقنيات الجديدة.

النموذج الجديد

أبرز هذه التحركات كان إطلاق الجيل الثالث من نموذج Gemini، الذي جذب اهتمامًا عالميًا لقدراته على الاستدلال وحل المهام المعقدة والبرمجة الدقيقة، وهذه الخطوة لم تكن مجرد تحديث تقني، بل إشارة واضحة إلى استعادة جوجل زخمها الإستراتيجي، إذ يظهر النموذج قدرة كبيرة على التعامل مع حجم هائل من البيانات وتقديم أداء متقدم يضاهي أو يتفوق على الحلول المنافسة.

الشراكات التقنية

وسعت جوجل نطاق حضورها إلى صناعة الرقائق المتقدمة، عبر شراكات مع شركات مؤثرة مثل Anthropic، وهو تحرك جعلها منافسًا فعليًا في سوق تهيمن عليه Nvidia بحصة تقارب 90%، مع وجود محادثات متقدمة مع Meta لاعتماد رقائق جوجل في البنية التحتية لنماذجها اللغوية، كما عززت هذه التحركات الثقة في قدرة جوجل على فرض قواعد جديدة في السوق ومواجهة المنافسين مباشرة.

القوة المالية والبنية التحتية

انعكست هذه الانطلاقة على القيمة السوقية لشركة ألفابت، حيث ارتفعت إلى نحو أربعة تريليونات دولار بدعم من استثمارات مفاجئة مثل شراء وارين بافيت لحصة تصل قيمتها إلى 5 مليارات دولار، رغم ابتعاده عن قطاع التكنولوجيا، وتعتمد جوجل في نهضتها على قاعدة بيانات ضخمة تشمل محرك البحث ويوتيوب وأجهزة أندرويد، إضافة إلى موارد مالية كبيرة وبنية تحتية حاسوبية قوية تمنحها أفضلية كبيرة في سباق الحوسبة السحابية.

إلى جانب الذكاء الاصطناعي، تواصل جوجل توسيع أعمالها في قطاعات أخرى مثل السيارات الذاتية القيادة عبر Waymo، التي بدأت الانتشار في مدن جديدة، ما يعزز حضورها كمجموعة تكنولوجية متكاملة، مستعدة لمواجهة التحديات المستقبلية وتغير قواعد المنافسة باستمرار، بينما تسعى للاستفادة من التكامل بين البرمجيات والعتاد لتحقيق سيطرة أكبر على السوق.

ومع كل هذه التحركات، يظل السؤال الأبرز حول مدى استمرار موجة الذكاء الاصطناعي في النمو دون حدود، أو ما إذا كانت السوق تتجه نحو فقاعة شبيهة بفقاعات التكنولوجيا السابقة، لكن المؤكد أن جوجل لم تعد مجرد متابعة للركب، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا يعيد رسم معايير المنافسة العالمية، ويفرض إيقاعه على المشهد الرقمي والذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب.