اقتصاد الأقمار الصغيرة يضغط على شركات المحمول ماليًا بشكل غير مسبوق

يشهد قطاع الاتصالات تحولًا جذريًا مع الانتشار المتسارع لشبكات الأقمار الصناعية الصغيرة، التي رفعت قيمة سوق الاتصالات الفضائية إلى نحو 56 مليار دولار في 2025، مع توقعات بتجاوز 110 مليارات دولار بحلول 2030.

ويقود هذا التوسع مشغلون كبار مثل Amazon Kuiper الذي يخطط لإطلاق أكثر من 3,200 قمر صغير، ما يضع شركات المحمول التقليدية تحت ضغوط مالية واستراتيجية كبيرة بعد عقود من الاعتماد على الأبراج الأرضية.

تكلفة منخفضة

توفر الأقمار الصغيرة اتصالًا بتكلفة أقل بنسبة 35% لكل جيجابايت مقارنة بالبنية الأرضية في المناطق الريفية، ما يدفع شركات الاتصالات التقليدية إلى تعديل نماذج عملها، وتقديم خدمات هجينة عبر شراكات مع مشغلي المدار المنخفض، فيما تستثمر شركات مثل هواوي أكثر من 5 مليارات دولار في تطوير مودمات للهواتف تدعم الاتصال المباشر بالأقمار دون زيادة استهلاك الطاقة، لتعويض الفجوة التنافسية والحفاظ على حصة السوق.

إعادة استثمار

الانتشار السريع للأقمار الصناعية يعيد رسم خريطة الاستثمار للبنية التحتية، حيث توقعت مؤسسة GSMA انخفاض إنفاق شركات المحمول العالمية على الأبراج بنسبة تصل إلى 18% خلال أربع سنوات، بينما ستزيد استثمارات الأقمار الصناعية إلى أكثر من 30 مليار دولار سنويًا، ويعزز هذا التحول دخول شركات جديدة مثل AST SpaceMobile التي نجحت في إجراء أول اتصال 5G مباشر بين هاتف عادي وقمر صناعي، ما يفتح آفاقًا جديدة للخدمات السحابية والمحمولة عبر المدار المنخفض.

استخدامات متعددة

تعمل الحكومات على استغلال التقنية في دعم الاقتصاد الرقمي، عبر التجارة الإلكترونية وسلاسل الإمداد وشبكات الطوارئ، وأطلقت المملكة العربية السعودية مشروع شبكة فضائية وطنية باستثمارات تتجاوز 3 مليارات دولار، بينما بدأت الهند خطة لإطلاق 72 قمرًا لتعزيز الربط بين الولايات البعيدة.

ويشير خبراء السوق إلى أن الأعوام الخمسة المقبلة قد تشهد تحول الاتصالات إلى خدمة “عابرة للدول”، لا ترتبط بالحدود أو الأبراج الأرضية، ما يضع شركات المحمول التقليدية أمام تحدٍ استراتيجي حاد ويهدد قدرتها على المنافسة دون التكيف مع هذا النمو التكنولوجي.

ويعتبر هذا التحول فرصة للشركات القادرة على الاستثمار في الأقمار الصناعية والموارد الرقمية، لكنه يمثل تحديًا ماليًا كبيرًا لشركات المحمول التي تعتمد على البنية التحتية التقليدية، مع توقع زيادة الضغط على الأرباح وتقليص العوائد في الأسواق الريفية والحضرية على حد سواء، ما يجعل مرحلة التكيف مع الاقتصاد الفضائي أمرًا حتميًا لضمان البقاء ضمن المنافسة العالمية.